ويعتبرونه جهيزة تقطع قول كل خطيب. قال الدكتور منصور فهمي بك عضو المجمع اللغوي في معرض رثائه:(. . . إنا أمس الأول - حين جمعتني وبعض زملائك حلقة من حلقات المجمع اللغوي - كنا نقول فيما كنا نتذاكر فيه: انتظروا السكندري، وأرجئوا المسألة فعند السكندري علم ما أشكل علينا، ولديه حل ما استعصى علينا، والآن يموت حلال المشكلات، والمرتجى في اللغة للمستعصيات. . . الخ).
وعندما سافر سنة ١٩١١ إلى مؤتمر المستشرقين في بلاد اليونان بصحبة المغفور لهم: الأمير فؤاد (جلالة الملك فؤاد)، وأمير الشعراء أحمد شوقي بك وأحمد زكي باشا، وحفني ناصف بك، وغيرهم، خطب في موضوع اللغة العربية الفصحى، وقلة انتشارها بين الغالبية العظمى من أهل الممالك الإسلامية المختلفة، وعرض على جماعة المستشرقين استفتاء في رأى المرحوم يعقوب أرتين باشا وكيل وزارة المعارف إذ ذاك، في:(هل يجوز أن تحل في كل بلد لغة أهله العامية - وهي لغة السواد الأعظم - محل اللغة الفصحى في الكتابة، وتستعمل في المخاطبة؟) وذكر لغات البلاد العامية ولهجاتها المختلفة، وأدب كل لغة في نثرها ونظمها، وقرأ ذلك من كتاب له غير مطبوع. . . قال إن يعقوب باشا كلفه بوضعه عن لغات هذه الشعوب الإسلامية العامية، فقضى في بحث هذه اللغات واللهجات بضع سنين، واقتبس منها ما دونه في كتابه المذكور، وهي لغات العامة في بلاد العرب والشام والعراق ومصر وتونس والجزائر ومراكش وغيرها من البلاد التي يتكلم أهلها اللغة العربية بلهجتها العامية الخاصة بها. وقد اهتم المستشرقون بهذا البحث وناقشوه فيه، وقضوا وقتاً طويلاً في مباحثته ومساجلته، ثم انتهوا من ذلك إلى قرار صريح بأن:(اللغة العربية الفصحى هي اللغة التي تصلح للبلاد الإسلامية العربية للتخاطب والكتابة والتأليف؛ وأن من واجب حكومات هذه البلاد أن تعني بنشرها بين الطبقات الشعبية لتقضى على اللهجات العامية التي لا تصلح كلغة أساسية لأمم تجمعها جامعة الدين والعادات والأخلاق). وكان هذا القرار فوزاً بالغاً له سر به المجمع، لأنه كان تعزيزاً لرأيه ضد رأي أرتين باشا، وهو نصير اللغة العامية، وإحلالها محل اللغة العربية الفصحى.
وفاته
وفي منتصف الساعة الخامسة من مساء الثلاثاء ١٨ من صفر سنة ١٣٥٧ - ١٩ من