العصور القريبة والبعيدة. وكان دليله في هذه الرحلة جلال الدين الرومي، ولهذا الرجل العظيم على إقبال تأثير عظيم
- ٤ -
منظومات إقبال فيها سعة النفس العظيمة التي لا تحد؛ ولكن يستطيع قارئها أن يتبين أصولا خمسة يدور حولها كثير من شعره:
١ - الحياة هي الجهاد الدائم وتسخير قوى العالَم
(ما الحياة؟ هي أن تأسر نفسُك هذا العالم. فكيف تجعل نفسك لهذا العالم أسيرة؟)
٢ - وإنما يصلح الإنسان للجهاد بتقوية نفسه، واستخراج كل ما فيها من قوى. وقد بنى على هذا مذهبه في الذاتية وشرحه في كتاب (أسرار خودي). . .
ومن كلامه في بيام مشرق:(أخرج النغمة التي هي أساس فطرتك. أيها الضالَّ عن نفسه! خل نفسك من نغمات غيرك.) ويقول على لسان البراعة والحباحب: (لست كالفراشة اصطلي بنار غيري. ولكني أشتعل بنفسي ولا أحمل لأحد منَّة؛ إذا صار الليل أحلك من عين الظبي أنرت بنفسي لنفسي الطريق)
وتقتضي هذه الذاتية الحرية، وحرَّية إقبال ألا يحدَّ النفس شيء حتى الزمان والمكان
هو بالأمس خبير بغدِ ... وهو اليوم نجيُّ الأبد
وقد بين في أسرار خودي الفرق بين العبد والحر في قوله:
(العبد ضال في ليله ونهاره، والحر يضل في قلبه زمانه. العبد يخيط الليل والنهار على نفسه، وينسج من الأيام كفنه، والحر ينسج على الزمان عزائمه - العبد طائر في شبكة الصباح والمساء، حرمت روحه السبح في الهواء، وصدر الحر الهمام، قفص لطائر الأيام. فطرة العبد تحصيل الحاصل، وخواطره تكرار قاتل. ومقامه من الجمود واحد؛ وصوته بالليل والنهار راكد. والحرَّ كلَّ حين خلاق يسكب نغمات جديدة في الآفاق، فطرته لا تحتمل التكرار، وليست طريقه حلقة البر كار، العبد في سلاسل من زمانه، والقضاء والقدر ورد لسانه. وهمة الحرَّ مشيرة على القضاء، تصوَّر يده الحادثات كما تشاء)
٤ - العلم وحده حجاب دون الحقائق وعقبة في سبيل الحياة - كما يقول ناحت صنم وبائع صنم وعابد صنم لا بد مع العلم من العشق. وهو يذهب في هذا مذهب الصوفية كفريد