الدين العطار في الكلام على العلم والعشق، وهم يعنون بالعشق الوجدان اليقظ وهذه الحرقة التي تسمو بالإنسان عن السفاسف إلى العظائم وتدفعه إلى الحق والخير، وتوجهه إلى الله. وقد ضرب في ذلك مثلاً ابن سينا وجلال الدين الرومي؛ قال: ضل أبو عليَّ في غبار الناقة ونالت يد جلال الدين ستر الهودج، هذا دار مع الفتاة على وجه الماء وذاك غاص في اللجة فظفر باللآلئ
٥ - هذه الأصول في فلسفة إقبال لها مُثل لا تحصى في مقاصد الإسلام وسننه وتاريخه. وهو يكره النزعات الوطنية الضيقة ويشيد بالأخوة الإسلامية العامة. وقد بدأ نشيده الذائع في الهند والذي يسمى النشيد الملي بقوله: وحين وعرب هماراً هندوستان همارا مسلم هين هم، وطي هم ساراجهان همارا (الصين والعرب لنا والهند لنا، نحن المسلمون وطننا كل هذا العالم)
وقال في بيام مشرق: إن الناس لاموا طارق بن زياد حينما أحرق السفن وقالوا هذا بعيد من الشرع والحزم. فسل سيفه وقال الأرض كلها ملكنا لأنها ملك ربنا)
- ٥ -
كان إقبال واثقاً بنفسه، معتداً بآرائه يتدفق في شعره تدفق البحر لا يعرف خوفاً ولا تردداً. وكان يرى أحياناً أنه بشير المستقبل، وأنه صوت شاعر الغد، وأن العصر الحاضر لا يدرك معانيه، والجيل القائم ليس كفء كلامه
يقول:
(أنا شمس حديثة الميلاد، لا تعرف رسوم هذا الفلك، كما يغمر النجوم ضياؤها ويرقص على صفحات البحار شعاعها. . . أنا نغمة لا تبالي بالمضراب، أنا صوت شاعر الغد. . . إن عصري لا يفهم الأسرار. . أنا يائس من الأصحاب القدماء، وإن طوري يشتعل ليظفر بكليم، بحر أصحابي كالقطرة لا تزخر، وقطري كالبحر فيها طوفان مضمر. نغمتي من عالم آخر وجرسي لغير هذه القافلة. . . كم مرت بهذه الصحراء قوافل تمشي الهوينى كما تسير الناقة ولكني عاشق الصياح إيماني وضوضاء الحشر طليعتي أنا نغمة ولكنها أكبر من الوتر، ولست أشفق على هذا العود أن ينكسر
كم شاعر ولد بعد الموت أغمض عينيه ليفتح عيوننا وبدا من وراء الموت كما تنبت