ويتوارثونها جيلاً بعد جيل، وقد جرت العادة أن يسمي الشيخ قطيعه باسم خاص. إن هتاف فرسان البدو في الحرب ينحصر في اسم حبيبة الفارس أو باسم أخته أو باسم قطيع جماله. فيهتف مثلاً (أنا أخو جوزا - فيصل) أو (لعيون حميده) أو (خيال العليا - النوري) والعليا قطيع من الإبل
ومن الحكايات التي تروى عن سلطان بن سويط، وقد كان شيخاً لعشيرة الظفير منذ ثلاثة أو أربعة أجيال، أن جماعة نهبت أموال فتاة على حدود الحجاز؛ ولما كان سلطان مشهوراً بشجاعته وفروسيته فقد هتفت الفتاة:(أين أنت يا سلطان لتدافع عن فتاة) وقد تناقل العرب هذه الحكاية حتى وصلت إلى سلطان فأقسم لينتقمن لها، وكيف لا وقد استغاثت به ولو على بعد مئات الأميال
وسأروي لكم حكاية حقيقية وقعت منذ جيلين فقط: - اشتهرت في الجنوب قبيلتا عتيبة وقحطان بعدائهما الشديد وكثرة غارات بعضهما على بعض، وقد كان لابن هادي شيخ قحطان ابنة صارت مضرب المثل عند العرب في الجمال - وقد رفضت كل الذين تقدموا لخطبتها. وكان ابن حميد اشتهر بشجاعته وفروسيته وكثرة غزواته الموفقة التي شنها على قحطان حتى أقسم شيوخ قحطان يوماً أنهم سينحرون إبلهم في اليوم الذي يأسرون به ابن حميد. وقد حدث أن تقدم رجل لخطبة ابنة هادي، فلما راجعها والدها بهذا الشأن أجابته قائلة: إنني لن أتزوج إلا أشجع فرسان العرب وأكرمهم وأجملهم. وقد كان رجل صليبي يسترق السمع فسمع ما دار من الحديث بين الوالد وابنته، وعندما خرج والدها دخل عليها خدرها وقال إن هذه الصفات لم تجتمع يا مولاتي إلا لابن حميد. فأجابته: ليتني أراه ولو مرة واحدة. فنقل الصليبي هذا الحديث لابن حميد. وقد كانت شهرة بنت هادي وصيت جمالها قد سبقا وصول خبرها إلى ابن حميد فكتم هذا الحديث في نفسه حتى إذا جن الليل غادر منازل عشيرته ذاهبا إلى منازل قحطان وتسلل بين البيوت حتى دخل خيمة الفتاة وأيقظها بلطف وعرفها بنفسه ففرحت به، ولكن لم تكد تهدأ أعصابها بعد فرحها بلقائه حتى جزعت عليه لهذه المغامرة فطمأنها. وظلا يتسامران حتى مطلع الفجر. وكانت العادة أن يجتمع البدو عند شيخ القبيلة صباحا لشرب القهوة وللتداول في شئون العشيرة. فلما اجتمع الشيوخ خرجت الفتاة إلى والدها قائلة: يا أبت أطلب أمنية فهل تعدني بإجابتي إليها؟