الأزرق وطرق الري، وبرهانه على استقرارها على دين الفراعنة تطرق تقاليده إلى الدين الإسلامي، وبتعبير أصح إلى حياة المسلمين
أما أن يعد المناظر طريقة استغلال الأرض فطرة فذلك مما لا يوافقه أحد عليه، لأن المسألة هنا تتعلق بتطور في أساليب الصناعة، ولا شأن للفطرة فيها. ولو كان الأمر كما يقول المناظر لكان كل مرتَدٍ لغير القميص الأزرق، وكل حارث بآلة حديثة، وكل مستبدل (شادوفاً)(بطلمبة)، فاقداً للفرعونية التي يريد المناظر بعثها أساساً لحضارة مصر. . .
أما أن تكون التقاليد التي احتفظ بها السكان من الحضارة المنقرضة دليلاً على بقاء الدين فرعونياً في مصر فذلك ما لا يقره عليه أحد، لأن ما تبقى من العادات يعد بدعاً لا يزال الدين يعمل على اقتلاعها من المجتمع لخيره وسلامة إيمانه
إن مصر لن تكون فرعونية في القرن العشرين إلا إذا تراجع الزمان القهقري طاوياً معه كلمة الله التي جعلت قوم فرعون حديثاً في تاريخ الشعوب
٢ - إن مناظري يستبعد سائر البلاد العربية عن البحث مدعياً أن ثقافة مصر مستقلة تجاه الحضارة العربية، لأن لها طابعاً خاصاً، ولأن لغتها العربية استمدت من الثقافة الفرعونية قدرتها على صوغ المعاني بما يتكافأ ومحيط مصر، فاللغة العامية في هذا الوادي إنما هي - بحسب رأي الدكتور أدهم - فرعونية آخذة بأسباب التعرب. . .
أما أن تكون مصر ذات ثقافة خاصة تتميز بها عن سائر الأقطار العربية فذلك ما ننكره على المناظر، لأن لشعوب سائر الأقطار العربية كلها جدوداً عاصروا الفرعونيين وتركوا في التاريخ ذكرى حضارات لم يبق منها سوى أعمدة محطمة وهياكل متداعية
إن في كل من الأقطار العربية من المميزات الإقليمية ما لا ينكره أحد؛ وقد تجد مثل هذه المميزات في أحياء مدينة واحدة، ولكنها أضعف من أن تسلخُ هذه الشعوب عن ثقافة عامة شاملة لها في اللغة والموسيقى ونظام الأسرة وروح التشريع. وهذه المميزات العامة هي ما تقوم الحضارة الأدبية عليه في كل الأمم
أما أن تكون اللغة العامية في مصر عبارة عن لغة فرعونية في أصلها فذلك مما نقف عنده متسائلين عما إذا كان الدكتور أدهم لا يقصد هزلاً به. . .
ليست اللغة العامية في مصر إلا كسائر اللغات العامية في الأقطار العربية، لغة أفسدتها