للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فيها بالنقد. . .؟

وكان يعتدّ كثيراً بمقالة (تربية لؤلؤة)، وفي ذات مساء بعد نشر تلك المقالة، قصد إلى القهوة ليريح أعصابه؛ فصادف الأصدقاء (س. ا. ع)؛ فما كاد يستقر به المجلس بينهم حتى أخذ يسأل كل واحد: (هل قرأت. . .؟ ما رأيك. . .؟ هل يملك أحد. . .؟)

كان للرافعي في كل واحد من أصدقائه الثلاثة رأي، وكان لكل واحد في نفسه حقيقة، ولهم في الحياة نظرات تغترب وتقترب؛ وكلهم قد حُرِموا المرأةَ لوناً من ألوان الحرمان؛ ولكل منهم في المرأة رأي؛ مما تخيّلها، أو مما كابدها، أو مما شقي بها. . .

والرافعي رجل قد فارق الشباب وخلعه فيما خلع من ماضيه؛ وإنه لزوج وأب ويوشك أن يكونَ جدَّا؛ فلا قدرة له على أن يعود القهقري إلى ماضي شبابه يستوحيه خواطر الفتيان وأحلام الشباب في المرأة والحب والزواج؛ وهؤلاء الأصدقاء - على ما قدّمتُ من نُعوتهم في أول هذا الفصل - تجمعهم صفة العزوبة على اختلاف ألوانها؛ وما يزالون في باكر الشباب وفي يقظات الحُلم؛ وكلهم قد مارس المرأة نوعاً من المراس: في وهمه أو في حياته. . .

فما كاد الحديث يبدأ بين الرافعي وأصدقائه حتى أخذ يتشعب فنوناً، وساقهم الرافعي بحسن احتياله إلى هدف يرمي إليه. . . فما انفض المجلس حتى كان ثلاثتهم على ميعاد مع الرافعي ليجيبوه كتابةً عن أسئلة ثلاث وجهها إلى كل منهم، على أن يلتزم الصدق، وبجانب الحياء، ويخلص في الإجابة؛ وكانت الأسئلة هي:

(ا) كيف ترى المرأة في وهمك؟ وأين مكانها من حياتك؟ وماذا مارست من شأنها وعرفت من خبرها؟

(ب) لماذا لم تتزوج؟

(ج) صف ما تحب من أخلاق زوجتك المستقبلة؟

وجاء الميعاد المضروب، وسعى الأصدقاء الثلاثة إلى الرافعي بأجوبتهم؛ فمنها كانت مقالة الرافعي (س. ا. ع) وهي أولى مقالاته في الزواج؛ ثم تتابعت مقالاته في هذا الموضوع، فخطا بها إلى قلوب الشباب خطوات، وكان بينهم وبينه من قبلُ سد منيع

قبل أن يكتب الرافعي هذه المقالة بأيام، جاءه رسالة من بعض الأدباء يسأله أن يكتب إليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>