يكون إنساناً مهذب الخلق والإحساس ذا قسط من الثقافة قبل أن يعد لأن يكون تاجراً أو صانعاً
ولا يقصر الاهتمام في هذا الدور من التعليم على التربية العقلية والخلقية، وإنما يولي أولو الشأن عناية كبرى إلى صحة التلاميذ الفقراء. فلقد جعل لهم عيادات طبية يشرف عليها أطباء وممرضات تعطي العلاج والدواء مجاناً للتلاميذ، وتقوم الممرضات بعيادة منازل الأطفال لتوجيه النصح والإرشاد للأمهات كما توجد مستشفيات ودور نقاهة خاصة بهؤلاء الأطفال. كذلك تعمل المدارس على علاج ضعاف الأجسام من فقراء التلاميذ بتقديم اللبن لهم مجاناً حتى في أيام المسامحات لمن تظهر عليهم علامات الضعف بسبب رداءة التغذية. ومما يستحق الذكر في هذا المقام أن الأموال التي جمعت لعمل تذكار للملك جورج الخامس خصصت لشراء أراض واسعة تستعمل ملاعب للأطفال الفقراء
ولقد كان من نتائج زيادة الاهتمام بالتعليم الإلزامي وتعديل مناهجه مضاعفة الاهتمام بالمدرسين وإعدادهم إعداداً يتمشى مع تلك النزعة الديمقراطية الحرة؛ وعلى ذلك نجد الاتجاه الآن أن يكون المدرسون ممن حصلوا على تعليم جامعي أو ما يعادله حتى تتوفر لديهم الثقافة الواسعة والتهذيب العقلي والعاطفي الذي يحتاج إليه مربي النشء من بيئة ديمقراطية
ولا تقف مطامع المشتغلين بالتربية في إنجلترا وأنصار مبادئ الديمقراطية والمساواة عند هذا الحد إذ هم لا يكتفون بتعليم أبناء الفقراء حتى سن الخامسة عشرة بل يطالبون بإطالة مدة تعليمهم على نفقة الدولة حتى سن الثامنة عشرة، إذ يرون أن الولد الذي يبدأ حياته العملية في سن الخامسة عشرة لا يكون مزوداً بالمعرفة الكافية، ولا بالإعداد الذي يعينه على اقتحام معركة الحياة بنجاح. وإن الدلائل كلها لتدل على احتمال تحقيق هذا الرأي إما عاجلاً وإما آجلاً
مما ذكر يتبين لنا التغيير الهام الذي طرأ على الأفكار بخصوص تعليم أبناء الفقراء في بحر قرن تقريباً. ففي أوائل القرن الماضي كان يتساءل أعضاء البرلمان الإنجليزي عما إذا كان تعليم الطبقات الفقيرة أمراً مرغوباً فيه؛ واليوم يقولون جميعاً في إيمان إن التعليم الشامل الصحيح الذي يعم جميع الطبقات والذي يبرز النبوغ وينمي الاستعداد ويكون الخلق