عليهما الأموال ليتسر لهما العبء ويسهل عليهما البحث
على أن هذه السعادة لم تغيرهما ولم تبدل شيئاً من حياة البحث التي اعتاداها، بل واصلا العمل في ظل معيشتهما الهادئة، وربيا طفليهما على حب المثل الأعلى الذي رسماه لأنفسهما. وهكذا كان عماد حياتهما وقوام سعادتهما حجراً ذا سر خفي اهتديا إليه فأرسل عليهما ضياءه، وأسبغ عليهما نعماءه، إلى ما تلا ذلك من نفع عام إذ سلمت به الإنسانية من العطب ونجت به من الهلاك
وما زال بيير كوري وزوجه جادّين في عملهما النافع حتى دهمهما القضاء بغتة، على نمط مفاجأته لهما بالثورة، فقضى على الرجل العظيم واختطفه من أحضان زوجه وكريمتيه، ولكن هذا القضاء لم يفل من عزيمة مدام كوري فقامت وحدها تفكر في عملهما وفي بنتيهما، ثم شمرت عن ساعدها، ومازالت تخطو إلى الأمام حتى اهتدت إلى خاصة أخرى كانت لها مجداً ثانياً وفخراً أبدياً في العالم أجمع
وهاهو ذا رئيس جمهورية الولايات المتحدة قد أهدى إليها قطعة عظيمة من الراديوم تقدر بالملايين، بينما كان الملوك السابقون يهدون إلى العالم مسعطا (علبة نشوق) مزخرفاً بالجواهر. وكم من فرق بين مسعط لا خطر له وقطعة من الراديوم تعتبر تحفة نادرة وتجلب السعادة للملايين من الناس!
والحق يقال إن مدام كوري قد عانت آلاماً كثيرة وقاست هموماً عديدة، ولم تكن مسرات الحياة لتسرِّي عنها إلا في النادر من الأيام، ولكنها مع ذلك إذا دخلت مجلساً فإن عظماء الفرنسيين وكبار علمائهم يقومون لتحيتها وإجلالها، ذلك أن القدر قد رفع هذه المعلمة البولونية الفقيرة، ووضعها فوق رؤوس الملكات والأميرات في العالم كله