للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فشل الديمقراطيون حينما عقدوا مؤتمراً لهم ليجمعوا أمرهم على رجل يعدونه للرياسة وانفض مؤتمرهم وقلوبهم شتى.

وأخذ الجمهوريون يستعدون للمعركة القادمة فامتلأت صحفهم بفيض أقلامهم، وماجت كبريات البلاد في الشمال بمظاهر نشاطهم ومعالم استعدادهم.

ففي ربيع ذلك العام الفذ عقد الجمهوريون في ألينواس مقاطعة لنكولن، مؤتمراً لينظروا في نشر الدعوة له في الولايات ليحظى ابراهام بترشيح الحزب إياه في مؤتمره العام ليكون رجله في انتخاب الرياسة! وفي ذلك المؤتمر التمهيدي الذي عقد في مدينة ديكاتور اشتدت حماسة المؤتمرين لابراهام فما تهتف الألسن إلا به وما تحنو الجوارح إلا عليه؛ ولا يقتصر الأمر على المؤتمرين فهاهو ذا جمع حاشد من الناس يهتف به في شوارع المدينة، وعلى رأس هذا الجمع ابن عم له كان يعمل معه في شق الأخشاب قبل ذلك بثلاثين سنة. . . أنظر إلى ابن عمه هذا يحمل العلم على قطعتين شوهاوين من الخشب، وهو ينبئ الناش في زهو أنهما من صنع أبراهام قطعتهما فأسه يوم كان يعمل في الغابة، فهو من الناس وللناس! ثم انظر إلى وجوه القوم كيف تتهلل بشراً، واستمع إلى ألسنتهم كيف تضيف إلى ألقاب ابراهام التي ألفوها لقباً جديداً، فهو أيب الأمين وهو أيب العجوز وهو أيب فالق الأشجار. . .

وانعقد في الصيف المؤتمر الجمهوري العام في شيكاغو، وتدارس المؤتمرون طويلاً ثم أعلنوا ما اتفقت عليهم كلمتهم من المبادئ، فلم تخرج عما أوضحه ابراهام في خطبه وأحاديثه، وقد احتشد في تلك المدينة عدد عظيم من أهلها ومن غير أهلها بلغ أربعين ألفا ليشهدوا هذا المؤتمر العظيم والتفت تلك الجموع حول مكان الاجتماع. . .

وجاء دور الانتخاب واجتمع ممثلو الولايات لاختيار رجل يمثل الحزب جميعا، وجرت في القاعة أسماء خمسة أشخاص يختار منهم واحد، من هؤلاء لنكولن من سبرنجفيلد وسيوارد من نيويورك. . . وكان سيوارد في نظر أهل الشمال الزعيم الحقيقي للحزب الجمهوري فهو رجل واسع الثقافة عظيم الخلق يحب بلاده ويكبرها وهو كابراهام يمقت نظام العبيد وقد ظل يحاربه زهاء ربع قرن في غير هوادة.

وظن الناس وشاع فيهم بادئ الأمر أن الأمر سيتم لسيوارد في هذا المؤتمر! وكذلك ظن

<<  <  ج:
ص:  >  >>