الإخوان القبيلة ومعهما جمل واحد قاصدين البلد المعروف اليوم بشرق الأردن وفي طريقهما نزلا ضيفين على الخريشة فأكرم العبيد وفادتهما إذ كان الشيخ غائباً. وفي صباح اليوم التالي تهيآ للسفر فوجد أن جملهما قد نفق. فسارا على الأقدام، وفي الطريق قابلهما بدوي فسألهما عن حالهما فأخبراه بواقعة الحال، فنزل عن جمله وقدمه إليهما قائلاً: أنا الشيخ ولن يضيفني إنسان راكباً ويترك منزلي راجلا. وعندما عاد ابن رشيد إلى الحكم بقيت الخريشة صديقة معززة مكرمة. ومن الصفات التي يفتخر العرب بها الأمانة، وقصتنا هي حادثة السموأل الذي ضحى بولده على أن يسلم الدروع التي ائتمنه عليها امرؤ القيس. منذ سنين قليلة مضت أغار عودة أبو تاية حليف لورانس على عنزة وكانت الغلبة لعودة، وفي أثناء المعركة رمى شخص نفسه على عودة يطلب الأمان، فأمنه، ولكن الرجل طلب علامة يدرأ بها الخطر عن نفسه فأعطاه عودة كوفيته ونزل إلى المعركة حاسر الرأس. ومرت السنون وإذا برجل غريب يقدم نفسه إلى عودة قائلاً: إن لك عندي قطيعا من الماشية. فسأله عودة عن ذلك فقال: إنني الرجل الذي أعطيته كوفيتك في الموقعة الفلانية وقد بعتها واشتريت بها ماشية وتكاثرت وهأنذا أقدمها لك. إن عودة كان قد نسى ذلك الرجل وكان العداء لا يزال على أشده بين القبيلتين