على ابن مسعود فحاربهم وانتصر عليهم وقد أرادوا الالتجاء إلى العراق عندما طاردتهم الجيوش السعودية، ولكن أوامر مشددة صدرت إلي بمنعهم من الالتجاء إلى العراق. وقد تمكنت من إيقافهم في موقع وبقيت في انتظار وصول الجيوش السعودية لسوقهم. وفي ذات يوم بينما أنا في خيمتي إذا برجل - وهو أحد زعماء العجمان - يدخل الخيمة ويصيح: أنا أطلب الحماية - وكان هذا الزعيم من المكروهين والمغضوب عليهم من ابن سعود - لقد كان موقفاً حرجاً ومحيراً إذ أن عادات البدوي تقضي بحماية الرجل، وأوامر حكومتي تقضي بعدم السماح لأحد من المرور إلى العراق. ولكني في النهاية قررت أن أتبع تقاليد البدو فأركبته جملا وأفهمته أن يتوجه إلى قبيلة عراقية ساكنة بالقرب منا. لقد كنت أظن أن هذا الحادث قد انتهى وأن ابن سعود لن يسمع به. ولكن راعني أن قدمت في صباح اليوم التالي أربع سيارات سعودية تحمل وفداً برياسة سكرتير ابن سعود الخاص للاحتجاج على عملي بتهريب الرجل. ولكني بلطف صرفت ذلك الوفد. وبعد فترة عاد الوفد يحمل كتابا شديد اللهجة حول تصرفي - لقد تحرج موقفي إذ أن أوامر حكومتي كانت صريحة ولكني صممت على أن أبقى أمينا على عهدي مع الرجل. لم أجد لي مخرجاً من هذا الأمر إلا بأن أفهمهم الحقيقة. وقد فعلت. طلب ابن سعود من الحكومة العراقية بعدئذ تسليم جميع اللاجئين ولكنه لم يشر بحرف إلى رجلي. إن العرب صلاب أشد الصلابة في المطالبة والمدافعة عن حقوقهم، ولكنك إذا التجأت إلى كرمهم فلن يخيبوا ظنك. وهذه قصة سمعتها من شاب ساكن مع بني صخر في شرق الأردن أصله من البلاد الواقعة قرب الخليج الفارسي - قال: قام الوهابيون وكنت معهم بهجوم على بني صخر فقتلنا منهم وقتل منا خلق كثير. وفي تلك الموقعة أصبت بجراح وأغمي علي حتى لم أفق إلا في صباح اليوم التالي أمام خيام بني صخر. قمت أتحامل على نفسي حتى قربت من بيت شَعر وإذا برجل ما كاد يراني حتى أطلق علي عيارين ناريين - وكان قد فقد أخاه في معركة الأمس - ولكن الغضب والحقد أعمياه فأخطأني. حينئذ أسرعت حتى دخلت الخيمة فما كان منه إلا أن رمى بندقيته وأقبل يغسل جراحي.
ومن عادات البدوي التمسك بالصداقة والاعتراف بالجميل. في يوم من الأيام اقتتل ابن علي وابن رشيد من شيوخ قبيلة شمر فطرد ابن علي ابن رشيد مع أخيه من القبيلة، ترك