عنه وما نقلت من رأيه وما رددت به، إنه ليعتذر إليك بعذر لم أجد جوابه فيما أمليتَ عليّ، لقد صدق؛ فمن أين له. . . من أين له هو؟. . . إنه لحري بك أن توجه العتب والملامة إلى آباء الفتيات وإلى هذه التقاليد التي تفرض على الشاب الذي يريد الزواج ما لا طاقة له به إلا أن تكون له معجزة مالية!)
فضحك الرافعي وقال:(أتراه كان يتحدث بلسانك؟. . لقد أخفيتها عني يوم سألتُك؛ وليس ثمة ما يمنعني أن أصحبك غداً إلى ع. . . لأطلب إليه أن يعفيك من هذه المعجزة المالية!)
. . . ومضت أيام، ثم دعاني ليملي عليّ (قصة زواج): قصة سعيد بن المسَّيب إمام المدينة وعالمها الذي ردّ رسولَ أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان وقد جاءه في خطبة ابنته لولي عهده الوليد بن عبد الملك، وزوَّجها من طالب العلم الفقير أبي وداعة على مهرٍ ثلاثة دراهم!
كانت هذه القصة هي جواب ما سألتُه تأخر إلى ميعاد. وكانت هي أول ما أنشأ من القصص لقراء الرسالة
وإني لأراني وقد بلغت هذا الحد، مسئولاً أن أتحدث عن قصص الرافعي، وكيف كان يؤلفها، وأول ما عالج منها، وطريقته فيها:
لم يعالج الرافعي القصة - فيما أعلم - قبل قصة سعيد ابن المسيب إلا مرتين: أما أولهما ففي سنة ١٩٠٥، وكانت مجلة المقتطف قد سبقت بين الأدباء جائزة لمن ينشئ أحسن قصة مصرية، فأنشأ الرافعي قصته الأولى وكان عنوانها (الدرس الأول في علبة كبريت) ولم يحصل بها على جائزة، ولكن المقتطف كافأته بنشرها اعترافاً بما بذل فيها من جهد. وقد أعاد الرافعي نشرها بعد ذلك بثلاثين سنة، بعنوان (السطر الأخير من القصة) وسأتحدث عنها في موضعها
أما القصة الثانية فأنشأها في سنة ١٩٢٥ بعنوان (عاصفة القدر) ونشرتها المقتطف أيضاً. ثم كانت قصة سعيد ابن المسيب في سنة ١٩٣٤
على أن ثمة فرقاً بين هذه القصة والقصتين الأوليين؛ ذلك أن هاتين القصتين هو أنشأهما إنشاءً فلم يعتمد فيهما على حادثة في التاريخ أو حدث في كتاب؛ أما قصة سعيد بن المسيب فلها أصل معتمد في التاريخ فلم يكن له في إنشائها إلا بيان الأديب وفن القاص، وكانت