للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أرسطو في علم المنطق. وبوفاة متي هذا ببغداد في خلافة (الراضي) انتقلت الفلسفة العربية إلى أبي نصر محمد بن محمد الفارابي أحد تلاميذ حنا بن حيلان وهو أشهر من يرجع إليهم في المسائل الفلسفية من العرب والذي لم يكن ينافسه غير مسيحي واحد هو (أبو زكريا يحيى بن عدي)

ولقد سبق أن عرفنا أن دراسة الفلسفة اليونانية على الشكل الذي انتهت إليه في الإسكندرية هاجرت إلى (حران) مغادرة إنطاكية؛ وغدت حران بذلك وسطا لدراسة الفلسفة اليونانية، وعلم النجوم كما عرفه اليونانيون ولاسيما وقد صادفت هذه الناحية من نواحي الدراسة في حران فئة (الصائبة) من عبدة النجوم فوجدوا فيها مرتعاً ووجدت فيهم تلاميذ مخلصين. وهنا في حران نشأ بعض أعاظم فلكيي العرب أمثال (ثابت بن قرة) والبتاني وغيرهما

وقد تجلت العقلية العربية الهاضمة بكل مزاياها ومميزاتها في حركة النقل الكبرى في عصر المأمون فترجمت إلى العربية أشهر الكتب في كل ناحية من نواحي الثقافة. ويمكننا أن نعتبر هذه الثروة الفكرية الهائلة التي نجمت عن هذه الحركة أساس الثقافة الإسلامية كلها، وهي ثقافة متشعبة الأصول واسعة الأطراف يحتاج الإلمام بفكرة إجمالية عنها إلى مقال خاص

ولا غنى لطالب الثقافة الإسلامية عن الإلمام بالنواحي المختلفة التي شملتها هذه الثقافة وبعضها فكري بحت والبعض مادي له اتصال وثيق بالحضارة. وهذا الجانب المادي في اعتبارنا هو الطابع الجديد الذي طبعه العرب على وجه العالم منذ القرن السابع الميلادي حتى العصر الذي فشت فيه المدنية الأوربية بما استصحبت من ذوق جديد شغف العالم به فكان قاضياً على كثير من نواحي الحضارة الإسلامية، فحب الإيرانيين وشغفهم بتقليد الأوربيين في زمن الدولة الصفوية في القرن السادس عشر طبع التصوير الفارسي وهو مظهر من مظاهر الحضارة الإسلامية بطابع أوربي أفقده مميزاته الأساسية التي هي سر جماله وسحره، وانتشار الطراز الأوربي في البناء قضى في مصر مثلاً على الطراز التركي العثماني وهو آخر مدرسة من مدارس العمارة الإسلامية

ولعل هذه العناية التي بدت من جانب وزارة المعارف لإحياء الثقافة الإسلامية لا تكون قاصرة على إحياء الجانب الفكري منها، بل لعلها تتناول الجانب المادي أيضاً منها، فيعود

<<  <  ج:
ص:  >  >>