للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الساسانية ما أيقظ في الناس هناك رغبة صادقة في العلم في شكله الهليني السرياني

ويعرف التاريخ أنا الإمبراطور (زينو) كان قد أمر بتحطيم مدرسة علمية نسطورية عام ٤٨٩م كانت مزدهرة في (أودسا) فأعقبتها على الأثر مدرسة قامت في (نصيبين) ببلاد الفرس. ونرى أنه قامت بجند يسابور بإقليم خوزستان بفارس أيضاً مدرسة طبية ذات بال ظلت حتى القرن التاسع الميلادي، وفيها تخرج كثير من الأطباء الذين خدموا بلاط الخليفة العباسي ببغداد وجلهم من المسيحيين. ويهمنا ذلك للدلالة على أن النساطرة كانوا على أقل تقدير منذ القرن الخامس الميلادي يشتغلون بالعلم وبالطب خاصة في أودسا ونصيبين وجنديسابور من أعمال فارس فلم بكن غريباً أن يكونوا حلقة الاتصال بين علم الإسكندرية والعرب فيكون منهم نقلة هذا العلم والحفظة عليه في عصر عصفت فيه أنواء الاضطراب فهددت الثروة العلمية الهيلينية بالزوال

ويحدثنا الأستاذ ماكس مايرهوف عن وثائق قيمة يتضمنها كتاب تاريخ الحكماء لابن أبي أصيبعة وأصلها عن كتاب لأبي نصر محمد الفارابي مفقود تتضمن (أنه بعد خضوع الإسكندرية للإسلام انتقل مركز الثقافة منها إلى (إنطاكية) وهناك استقر طويلا حتى قضى معظم أساتذة العلم نحبهم غير رجلين هجرا إنطاكية يحملان ما اقتنيا من كتب، أحدهما من (حران) في أعالي أرض الجزيرة، والثاني من (مرو) في بلاد العجم. وكانا من تلاميذ (المروزي) هذا إبراهيم المروزى ويوحنا بن حيلان. أما تلاميذ (الحراني) فكان منهم القس (إسرائيل) و (الكويري) وهذا الاسم الأخير تحريف للاسم السريانى كيوريه اوقيرس

وقد أفادت بغداد من علم الكويري والقس إسرائيل وحنا بن حبلان ما أفادت وانتفع بلاط العباسيين بطب هؤلاء، وأخذت عن هذا وذاك الثقافة الإسلامية ما أخذت عن طب القدماء وفلسفتهم.

وكان انتقال مركز العلم من الإسكندرية مستقر العلم الهليني اليوناني إلى إنطاكية في خلافة عمر بن عبد العزيز ومن إنطاكية إلى حران في خلافة المتوكل العباسي. وانتهى العلم في زمن المعتضد إلى عالمين هما (الكويري) و (يوحنا بن حيلان) الذي مات ببغداد في خلافة المقتدر، وعن هؤلاء انتقل إلى (إبراهيم المروزي) و (محمد بن كرنيب) وأبى بشر متي بن يونس وهما تلميذان لإبراهيم المروزي. وينسب إلى متي هذا إنه علق على كتب

<<  <  ج:
ص:  >  >>