عني قلت: لبيكما، أنا ذاك. فأقبلتا فجلستا في تخفر واستحياء متصنعين؛ بيد أنهما تخبآن السحر في العيون ثم تحدثتا إلي بأنهما أقبلتا من مدرسة فلان في طلب المسعدة ليتامى قسمها المجاني ويتيماته - فيما زعمتا - ودفعتا إلي بصحيفة أعدتاها للمتبرعين يثبتون فيها الأعطيات، ثم التوقيعات، فتسمحت نفسي بقليل نذر يتذمم الجواد المفضل منه، ثم وقعت في الصحيفة (صانع خير!) ومن يبخل عند الأوانس؟ فانصرفتا في امتنان وحمد. ويمين لا عاهر ولا حانث، ما أعرف أصانع خير أنا أم صانع شر؟ ولكني أعرف أن هذه أساليب هذا العصر، أو هذا البلد، وطرازه الطريف في الاستجداء الكاذب المخزي لمعونة العلم والبر، وأين العلم والبر؟
في الناس من يقتني نفعاً بمُندِيةٍ ... كما جرت قبلة (في سوق إحسان)
وا حر قلباه! حتى البيوت فيها أوانس المجتمعات العابثات؟
لمحة دالة من صفة نادينا الذي يتألفنا بجماله، وهو على ما فيه من هنات إنما يصف المجتمع ونفسياته، كما تصفه كل منتدياتنا، وخلف ما ذكر ما لم يذكر استحياء من الأدب والفضيلة
إن الأندية مرآة صقيلة للشعب تصفه على ما هو عليه من دمامة في صورته الخلقية أو وسامة