تحمل شيئاً من الأشياء ولا تنهض بعبء من الأعباء)
ويقول من الكلمة نفسها في وصف فتاة:
(على شاطئ الإسكندرية - والمصادفة من أجمل المصادفات - طيارة في الهواء، وفتاة على الأرض هي أولى بالطيران من تلك الحديدة الصاعدة، بل هي تطير ولا يتخيلها الناظر إلا طائرة، تفلت من لحظات العيون، وخطرات الأرواح
(لا تحس العين أنها أدركتها، لأنها إذا أدركتها تأملت فيها، وسرحت في معانيها، فإذا هي بعيد بعيد، أبعد من الفراش الذي يقع عليه الطفل، فإذا هو على الغصن، ويثب إليه في غصنه فإذا هو في الهواء)
وقد عثرت أخيراً في الديوان على امتداد لهذا الرأي، يريد أن تبلغ الحرية بالجمال ألا يشعرنا حين ننظره بتعلقنا وتقيدنا به، بل يطلقنا نسبح في الآفاق، ونسمو على الحدود والقيود
والجميل الحق ما يذهلنا ... عنه، لا ما فيه للحس إسار
والجمال عوض عن شين كثير من النفوس في هذه الحياة، وتكفير منها عن هذا الشين، كما أنه رمز لآمال الحياة في مستقبلها الموموق، تشير به إلى ما يختلج في صدرها من الشوق للكمال:
أغلى جمالَك في النواظِر أنه ... عوض لشين في النفوس كثير
وأنا لَهُ منّا المقادةَ أنه ... في الأرض رمز كمالها المحظور
وفي الجمال غناء عن الدنيا كلها، وهو نعيم قريب كالنعيم المتخيل في الآخرة كذلك، فهو نعيم الدنيا حين يقول:
إن نفوْني اليوم من دنياهمو ... وأباحوا لي من الزاد المرام
ثم قالوا ما تشأ منها فخذ ... قلت: هذا. وعلى الدنيا السلام
قلت: هذا، وتطلعت إلى ... هوة الغيب وفي الثغر ابتسام
كيف لا يبسم من قبلته ... تنظم الأوطار طرا في نظام؟
وإذا قبلته مستضحكا ... في تخوم الكون والكون سدام
فهو سخري بالذي ودعته ... واغتباطي بمقامي حيث قام