للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحضر

نظرية

إن كل بحث عن الشعوب القديمة يكون ناقصاً مملاً مدرسياً ما لم تحاول أن تربطه بحياتنا اليومية الحاضرة. لا مراء في أن الحضارة الرومانية هي أولى الحضارات التي غزت أوربا وقد كانت حضارة زراعية، وتتكون نظريتهم عن الحرب في أن الفرد يجب أن يفنى في سبيل المجموع وأن الحرب خدعة. وفي القرن السابع ظهر الفتح الإسلامي حاملا معه روح الفروسية - روح الشرق - الروح التي تثير الإعجاب وتهيج النفوس. فغزت هذه الروح جميع البلدان التي اتصل العرب بها، وانتشرت بين سكانها. ولكن إذا نظرنا إلى الفاشستية اليوم نرى أنها احتفظت بالروح الرومانية القديمة بل تطرفت بها وهذه الروح تتنافى مع الروح العربية - روح الفروسية

غزا العرب أسبانيا وفرنسا حتى تور فانتشرت بالبلدين روح الفروسية، ومن فرنسا تسربت هذه الروح إلى إنكلترا ولكنها لم تتعداها - وقد يكون هذا هو السبب في مقاومتنا لروح الدولة الكلية المتطرفة والتي هي عماد الدولة في كل من روسيا وإيطاليا وألمانيا وهي البلدان التي لم تتصل بها ولم تنتشر فيها روح الفروسية. فان صح هذا ألا يكون مبدأ الحرية الفردية الذي نتمسك به وندافع عنه هو تراثنا من العرب؟ بالرغم عن التطورات الحديثة واتباعنا نظرية أن الحرب خدعة - فأننا ما زلنا نحافظ على روح الفروسية فيما نسميه اليوم (الألعاب الرياضية)

إننا نخطئ خطأً فاحشاً إذا ما ظننا أن العرب كلهم بدو، فأكثر العرب اليوم مقبلون إقبالا عظيما على درس الحضارة والمدنية الأوربية برغم نظام الفردية بينهم - وقد لا تمضي فترة قصيرة حتى نراهم يسيرون والأوربيين جنباً إلى جنب في ميدان الحضارة. إن تجاربي السياسية قليلة، ولكني قمت ببعض المهام الصغيرة مع الحكومة السعودية. ولقد كنت أظن أن التفاهم معهم صعب عسير ولكني سرعان ما غيرت هذا الظن إذ وجدت أنني أنا نفسي صرت أحسدهم. إذا صارحتهم - صارحوك. جرب دائما أن تكون معاملاتك مع العرب مبنية على الشرف والأمانة. ويجب ألا يعزب عن بالنا أننا ورثنا عنهم النظرية التي تهمنا نحن الإنكليز بنوع خاص وهي (إن لعب اللعبة أحسن من ربحها)

<<  <  ج:
ص:  >  >>