وما بالنا نقتدي به ولا نقتدي بإخوانه الذين عرفوا ملاحة الهيف والرشاقة وتجملوا تارة بجمال الفطرة، وتارة أخرى بجمال الحضارة؟
أذكر أنني نظمت قصيدة في شتاء أسوان يوم كانت تزدحم بالوافدين والوافدات من آفاق المغرب والمشرق، فشببت فيها بالعين الزرقاء والشعر الأصفر والوجه الأزهر. . . فعابها ناقدون يقرءون الألفية ويحكمون على الآداب والفنون ومذاهب الجمال، وقالوا: يا رعاك الله! متى كان الشعر الأصفر مما يستملح في القصائد العربية؟ ومتى كانت زرقة العينين مما يحمد فيه الغزل والتشبيه؟
وكنت أقول لهم يومئذ: إني إن زعمت أن حسان أوربا سود العيون والشعور كذبت على الحقيقة
وإن زعمت أنهن زرق العيون مذهبات الشعور ولكنهن دميمات مجتويات كذبت على نفسي وعلى الله. . . فكيف تريدوني أن أقول؟
صفعة على القفا، علمت الآن، أجدى في مناقضة أولئك (الآدميين) من كل ذلك النقاش والحوار
قال ابن أبي ربيعة:
ولما تفاوضنا الحديث وأسفرت ... وجوه زهاها الحسن أن تتقنعا
وقال المثل المصري:(من أعجبه جسمه عرَّاه، ومن أعجبه صوته علاَّه)
ورأينا نحن مصداق هذا وذاك على شاطئ الإسكندرية، ولا نزال نراه في كل معرض جمال
فهنا لا تلبس المرأة شيئاً ولا تخلع شيئاً إلا لتبدي حسناً وتستر عيباً، وهنا بحر زاخر لمن ينظرون على مذهب التدخين، ومن ينظرون على مذهب الفاكهة والطعام، ومن ينظرون على مذهب الجسم الجميل كما بيناه، رفيعاً جداً فوق مذهب المدخنين ومذهب الآكلين، ورفيعاً جداً فوق مذهب الجسم النافع والجسم اللذيذ.