الدين ليتبين الأزهري والمجمع بنوره الساطع كيف وقعت (حظي) من العبارة في أحسن مواقعها، وقامت في الكلام على رجليها لا على أصابعها!
يقول الإمام:(وحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون) فالجملة الأولى مقيسة على الثانية في الاستعمال إذ الأصل هو ما حظي المترفون به ثم أخذت من حظوة الآخرين الذين أشبهوهم: فبماذا يحظى المترفون ومن هم؟ جواب هذا في قوله تعالى:(واتَّبَع الذين ظلموا ما أُتْرِفوا فيه) وقوله: (وأخذنا مُترفيهم بالعذاب) وقوله: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها، فحق عليها القول، فدمرناها تدميراً)
والآن فلنطفئ مصباح علاء الدين فان لم يكن المعنى الذي نرمي إليه قد انكشف ففي مقالة أخرى سنستعير مصباحاً كشافاً من الأسطول البريطاني)
قلت: في هذا التفسير تعمُّق، وهذه هي الجمل التي وردت قبل عبارة (الخطوة) وبعدها، وفيها البيان الكشاف:
(إن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أُكِلت، فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون، وأخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبرون، ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ والمتجر الرابح، أصابوا لذة زهد الدنيا في دنياهم، وتيقنوا أنهم جيران الله غداً في آخرتهم).
وقال الأستاذ الرافعي (رحمه الله: (ثم قال الأزهري: لم يقل أحد قولا في (حظي بالشيء) إلا العلامة الشيخ إبراهيم اليازجي في هذا الزمان، ثم ذكر انتقاد اليازجي استعمال شاعرنا حافظ إبراهيم في ترجمة البؤساء قال:(فلاقاه بعد أيام حجة الإسلام السيد رشيد رضا فقال له - وقد سمعنا قوله - يا شيخ يا شيخ إن الذي خطأته من كلام حافظ إبراهيم هو في أول صحيح البخاري قال: فبهت الشيخ وترك السيد وهو كاسف البال).
وترى ما الذي فهم القراء من هذا؟ وما هو الذي يُعد من كلام حافظ إبراهيم وفي صحيح البخاري في وقت معا؟.
لا بأس أن نفيد قراء (البلاغ) فائدة وأن نصحح لحضرة أزهري، فأن اليازجي لم ينتقد (حظي بالشيء) كما يزعم، وإنما انتقد استعمال المصدر قال: (ويقولون الحظوي وإنما هي