للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحظوة) بالهاء ولم يزد على ذلك. ومما أخذ به حافظ في ترجمة البؤساء أنه يتكلف في الاستعمال وعد من ذلك قوله: (كأني أسمع صوتاً يقطر منه الدم) قال: وقطران الدم من الصوت مما لا تأنس به الأفهام. وهذه هي العبارة الواردة في البخاري ولكن حافظ (رحمه الله) لم يأخذها من البخاري وإنما سلخها من (الأغاني) وقد سار شيطانه بعد انتقال اليازجي، فلقى بعض أصدقائه فقال له بالحرف: (اليازجي غير مطلع في العربية).

قال الصديق: لماذا؟

قال: أنه عاب عليّ: (أسمع صوتاً يقطر منه الدم) مع أن العبارة في الأغاني

قال صديقه: يا حافظ، اتق الله، لأن يقول الشيخ: إن في العبارة مجازا بعيدا خير لك من أن يقول: أنك سرقتها من الأغاني. . .

أمّا هل أخطأ اليازجي أو حافظ فهذا كلام آخر)

قلت: ومما نقده الشيخ اليازجي في (البؤساء): (فخرجت ربة المنزل بالصمت عن لا ونعم أي لم تقل لا ولا نعم، ومن هذا القبيل: أحمل له ضبَّ الضغن. على أن الضب والضغن شيء واحد وكلاهما بمعنى الحقد)

ولم يحك لنا (صديق حافظ) قوله في نقد اليازجي هاتين العبارتين فحالهما كحال ذاك (الصوت) والقياس يدل أن هناك ثورة وسورة وقولا. . .

وقد غزا حافظ في الأولى بشارا:

لم يطل ليلي ولكن لم أنم ... ونفى عني الكرى طيفٌ ألم

وإذا قلت لها: جودي لنا ... خرجت بالصمت عن لا ونعم

وأغار في الثانية على ربيع بن مقروم:

وكم من حامل لي ضبّ ضغن ... بعيد قلبه، حلو اللسان

قال التبريزي في (شرح الحماسة): (الضب الحقد. وأضافه إلى الضغن لأن الضغن العسر، فكأنه حقد عسر) وغزوات حافظ البريطانية الإيطالية الفرنسية. . . وغاراته التركية. . . في (بؤسائه ولياليه) تخبرنا أنه خليفة سعيد بن حميد في هذا العصر قال ابن النديم في (الفهرست): (سعيد بن حميد كاتب شاعر مترسل عذب الألفاظ، مقدم في صناعته، جيد التناول للسرقة كثير الإغارة. لو قيل لكلام سعيد وشعره: ارجع إلى أهلك لما بقي معه

<<  <  ج:
ص:  >  >>