أن يبحث عن كل هذا وبمهر فيه قبل أن يتلقى دروسك؛ أم أنك - وأنت أستاذ البيان - سوف لا تعلم شيئاً من كل هذه الأشياء إذا لم بك لديه معرفة بها لأن هذا ليس من شأنك؛ وأنك فقط ستسلك معه - في هذه الحال - سلوكاً يجعله يبدو كما لو كان عارفاً بها، وبخلع عليه الخير دون أن يكون رجل خير بالفعل! أم (لا هذا ولا ذاك) لأنك سوف لا تستطيع أن تعلمه البيان مطلقاً قبل أن يعرف الحقيقة المتصلة بهذه الموضوعات على الأقل؟ فماذا ترى في هذا يا جورجياس؟ وهل ترى - وحق جوبتير - أننا نتقدم في خواص البيان كما وعدت أنت منذ لحظة؟
ج - أرى يا سقراط أنه عندما لا يكون لديه شيء عن كل هذه الموضاعات فإنه يستطيع أن يتعلمه مني!
ط - أرجو أن تقف هنا فإن إجابتك حسنة للغاية! أليكما تستطيع أن تجعل من أحد الناس خطيباً يجب أن يكون (هذا الراغب في الخطابة) عارفاً بالظلم والعدل، سواء أتت هذه المعرفة قبل مجيئه إلى مدرستك، أم منك أنت؟
ج - لا تناقض في هذا!
ط - ولكن ماذا؟ أيكون هذا الذي تعلم (النجارة) نجاراً أم لا يكون؟
ج - يكون نجاراً
ط - وعندما يتعلم الإنسان الموسيقى، ألا يكون موسيقياً؟
ج - بلى
ط - وعندما يتعلم الطب، ألا يكون طبيباً؟ وبالاختصار فيما يتعلق بالفنون الأخرى - ألا يكون الإنسان كما ينبغي أن يكون تلميذ كل فن منها عندما يتعلم كل ما يتعلق بها؟
ج - أوافق على هذا
ط - ويكون - لنفس السبب - كل من تعلم ما يختص بالعدالة عادلاً!؟
ج - دون تناقض
ط - ولكن هل يؤدي الرجل العادل في مظهره أعمالاً عادلة؟
ج - نعم
ط - وإذاً يجب أن يكون الخطيب عادلاً، وأن يكون الرجل العادل راغباً في أداء الأفعال