أخشى ألا تكون لنا سياسة رشيدة تفكر دائماً في حفظ مكانة مصر بين الأمم العربية. أخشى أن نجهل نعمة الله علينا فننسى أننا أغنى الأمم العربية بالأموال والرجال. أخشى ألا نعرف أن الجهاد في سبيل اللغة العربية هو مجد أبقى على الزمن من الأهرام ومن قصر الكرنك وقصر أنس الوجود.
إن اللغة العربية هي التي ستجعل لنا لسان صدق في الآخرين، وهي التي ستسطر محامدنا على جبين الزمان.
والذي أدعوكم إليه هو تجارة لا تعرف غير الربح، فإن كنتم في ريب من ذلك فسيروا في الأرض وانظروا كيف تذكر مصر بالحمد والثناء.
إنني أفرض زيارة الشرق على رجلين: الأول وزير المعارف والثاني وزير الخارجية.
أما وزير المعارف فهو اليوم معالي الدكتور محمد حسنين هيكل باشا، وليته كان في بغداد كما كنت في بغداد يوم ظهور كتابه عن منزل الوحي، ليته كان هناك ليرى كيف استقبل البغداديون كتابه بموكب لم يعرفه القاهريون. وأما وزير الخارجية فهو اليوم دولة عبد الفتاح يحيى باشا، وليته يرى كيف يأنس أهل بغداد إلى صوره الكاريكاتورية في الجرائد والمجلات، إنه لو رأى ذلك لعرف أن مصر لا تعيش وحدها في وإنما تعيش في أنس بأصدقائها في الشرق.
ولن أنسى اليوم الذي زرت فيه نادي المعارف في بغداد مع سعادة الأستاذ طه الراوي، فقد رأيت مكتب رئيس النادي يزدان بصورتين كريمتين: صورة الملك فاروق الأول وصورة الزعيم سعد زغلول.
ولما زرت النجف أراد أدباؤه أن يقدموا إلي هدية فكانت تلك الهدية هي صورة الرجل الموفق محمد العشماوي بك، وكان زار النجف واستقبل فيه أكرم استقبال.
ولما زرت الموصل رأيت رئيس نادي الجزيرة أحد تلاميذي القدماء فأحسست أنني في داري وبين أهلي.
فيا أهل مصر، متى تعرفون نعمة الله عليكم؟ ومتى تؤدون للأمم العربية واجب الوفاء؟
إن الذي كتب أن تكون عاصمتكم عروس الشرق هو وحده القادر على أن يجعلكم أهلاً