فنه. ولقد خيل إليه عن جهل وطمع أنه صنو له وند. . . وقد طفق يعمل أصابعه الواجبة بشعره الأشهب الأشيب ويزرف الدمع سخيناً غزيراً على ما فرط في جانب الفن. لقد كد وجد في حياته طعماً في المجد، ولكنه في الساعة الأخيرة من عمره رأى صرح فنه الفخم ينهار أمام عظمة روفائيللو. تطلع إلى حيث كانت تنظر القديسة المصورة. . . إلى السماء وكشف عن قلبه المحطم وصلى صلاة قصيرة طلب فيها الصفح والغفران. . .
خانته ركبتاه وضعفت رجلاه عن حمله فسارع تلاميذه إليه فحملوه. . .
وكان هو خارج من معمله ينظر إلى بعض لوحاته المعلقة ونفسه تذوب حسرات وألما. وألقى نظرة الوداع على لوحة دفن القديسة سيشيليا التي كانت لا تزال في معمله وخرج.
مرض الشيخ، واصطلحت عليه الأوصاب. وأخذت ذاكرته تخبو، واستولى عليه هذيان الحمى الأخير، وراحت تعتاده السكرات والغمرات. . . لقد خان العقل الجبار صاحبه في أواخر ساعاته، ذلك العقل الذي غبر زمناً طويلاً يبدع الوجوه المشرقة ويسوى الأجسام على الأقمشة بالألوان والأصباغ. . .
واجتمعت تلك الوجوه التي أبدعتها مخيلته السحرية وخلقتها ريشته الصناع دفعة واحدة مع سعير الحمى المتأججة وراحت ترقص رقصة الشماتة والسخرية. وترفل في ثياب رثه بهيئات مقلوبة ممسوخة ووجوه مشوهة دميمة، تدق طبول الهلع وتنفخ في بوق الفزع، وتقرب ما بينه وبين الهوة المجهولة. . .
وزاره طلابه يستفسرون عن صحته. . . فإذا هو قد فارق الحياة. . .
حقاً لقد كان هذا الرجل عظيماً، حينما شعر بالضعف أمام عظمة روفائيللو العلوية، عظيماً عندما أثر في نفسه فن رفائيللو هذا الأثر الغريب. إن عبقرية فرانشيسكو في رأي حكم النقاد والمؤرخين هي في طليعة العبقريات الفذة، وآثاره تنطق بأنه راح ضحية النشوة والانفعالات الفنية
زفر الشيخ (فاسرى) زفرة عميقة وهو يقص على فاجعة الفن بموت أبي الفن فرانشيسكو فراننشا، ثم أردف قائلاً: عجبي من تلك العقول القاصرة التي تدعي النقد والعلم والتي لا تريد أن تفهم أو التي لا يمكنها أن تفهم سر تلك العبقريات التي أودعها الله سبحانه تلك النفوس العظيمة التي هي ولا شك من طينة غير طينة الناس، وتريد هذه العقول أن تقول