للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعطي حكم مقصدها؛ وأظن أن هذا عندكم غير متيسر، بل إن الأفكار (الكمالية) فعلت فعلها واحتلت كثيراً من الأدمغة الألبانية حتى تخطتها إلى علية القوم وسراتهم

لذلك لا يسعنا إلا أن نفتيكم بامتثال أمر الملك المؤيد، وننصحكم بالعدول عن كل حركة يخاف منها على الأمن في مملكة صغيرة فتية محاطة بالمطامع نرجو لها النمو والنجاح. فإياكم إياكم الخلاف ما أمكن. وعليكم طاعة السلطان إن كانت في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. لكن للضرورة أحكام. وطاعة السلطان واجبة كطاعة الوالدين التي جعل لها الحق سبحانه نهاية وآخرة في قوله: (وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما)

أما تلاميذ المدارس الذين ألزموا ألا يقبلوا في مدارس الحكومة إلا بالقبعة (البرنيطة). فأما من كان منهم دون بلوغ فغير مخاطب بتكفير ولا بتحريم وإنما المخاطب بذلك وليّه. وأما من كان بالغاً عاقلاً فان مصلحة تعليمه مقدمة على مفسدة تغيير زي قوميته في نظري. ولا داء أدوأ من الجهل للبالغ وغير البالغ. يا إخواني إن هذه السياسة العميقة التي تشدَّ إزرها الأحوال والأفكار المحدِّثة تسوَّغ لي أن أتنبأ لكم والأسف ملء جوانحي بأن البرنيطة عما قريب ستصير لكم اللباس القومي والشعار الألباني قبل انقراض الجيل الحاضر. وا أسفاه! إن اللباس العربي الذي كان يلبسه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين فتحوا أكثر العالم في مدة جيل واحد وهذبوا وعلموا ومدنوا ما فتحوا - قد قضت عليه أزياء الفرس والروم، بل حتى أزياء الرهبنة، فأن القنباز عندنا قريب من سترة الرهبان، وهكذا الطربوش النمسوي الذي عممَّ الممالك الإسلامية، والجبدور الذي يوجد في أكثر بلاد الإسلام؛ حتى النعال، كل ذلك نسخ اللباس العربي ولم يبق منه إلا العمامة والقلنسوة. وهذه البقية الباقية من الزي الشرقي والشعار الإسلامي قد أخذت الأفكار الكمالية تكتسحها وتعفي أثرها، ولله في خلقه شؤون. وأرجو أن تكونوا قد أخذتم أيضاً بالتغييرات والإصلاحيات الحقيقية المفيدة التي أدخلها الكماليون على بلادهم لتذهب الحسنات بالسيئات. ذلك كتنظيم الجند على الطراز الحديث، وجعل أسطول جوي عتيد يقاوم كل طمع في بلادكم، وكتنظيم المالية بالضبط الحقيقي، وتوحيد الفكرة الألبانية في كل ميادين الحياة؛ واستخراج كنوز الأرض لكفايتها أهلها عامة، وتوحيد طرق التعليم والتهذيب لتجمع الأمة شملها وتكون على

<<  <  ج:
ص:  >  >>