قدره. وإذا نظرنا إلى تغيير الزِّي بلبس البرنيطة الذي هو غير مفيد للإسلام في شيء وعرضناها على المعنى المقصود وجدناها ليست من النوع الأول قطعاً الموجب للردة، إذ ليست خاصة بأهِل الكفر من الرهبان؛ وإنما هي من النوع الثاني لما فيها من محو شعار القومية، فغاية الأمر أن تكون محرمة أو مكروهة. وأما حديث أبي داود والترمذي مرفوعاً: فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس، فلا تنهض به حجة لقول الترمذي: إن إسناده ليس بالقائم وفيه رجلان مجهولان. ثم إن البرنيطة بالنسبة إلى موظفي ألبانيا قد تكون جائزة في حق من هو فقير منهم بحيث إذا عزل أصبح يتكفف الناس وله عيال، وهذا وإن لم يصل لحد الضرورة المبيحة كأكل الميتة لكنه محتاج إلى ذلك والحاجة في المذهب المالكي ملحقة بالضرورة. وقد أفتى ابن مرزوق: أن من لبس الزُّنار الذي هو موجب للردة مضطراً كأسير عندهم فلا حرمة عليه فضلا عن التكفير؛ نقله بناني في الحاشية وسُلِّم له؛ كما أفتى بأن من لبس الزنار هزلاً ولعباً لا يكفر؛ وإنما يكون فعل حراماً. أما أغنياء الموظفين الذين ألزموا بلبسها وهم غير محتاجين للوَظيفة فهؤلاء قد يقال تكون في حقهم محرمة أو مكروهة، ولا ردة تلزمهم في ذلك ما دام الإيمان ثابتاً في قلوبهم. أما من تورع عنها وزهد في وظيفته لا يكون فيه حرَّاً حتى في لباسه فذلك أحسن
وإني على علم من أن بلدكم هي الدولة الإسلامية الوحيدة في أوربا ويتعادل فيها عدد المسلمين مع غيرهم. فلو أننا كلفناهم بتقديم استقالتهم جميعاً احتجاجاً على عدم رضاهم بتغيير زيهم الذي هو شعار قوميتهم التي تتعين المحافظة عليها، لأخذ وظائفهم غير المسلمين ودال الأمر إلى تمكين غيرهم من التصرف في مصالحهم بما قد يكون مضراً بهم وبدينهم. والقاعدة الشرعية إذا اضطر المسلم إلى أحد الضررين وجب اختيار أخفهما. وعلى هذا فلا تحرم حتى على أغنياء الموظفين ولا على من استعملها في بلد غير إسلامي قصد الستر وأمن المكر. أما المسلم الذي يلبسها اختياراً في بلد إسلامي فلا شك في الحرمة لما فيه من التشبه وإهانة القومية وتفريق جمع الإسلام وإباحة عرضه للطاغين
نعم لو فرضنا أن الموظفين المسلمين لا يستغني عنهم، وأن الملك يضطر عند تقديم استقالتهم جميعاً إلى العدول عن أمره بلبس البرنيطة وجب عليهم جميعاً تقديم استقالتهم، ووجب على غيرهم ألا يقبل أي وظيفة منها إلا بعد الرجوع في الأمر المذكور؛ والوسيلة