للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

صاحب (حديث القمر) و (السحاب الأحمر) أقرب إلى أدباء الرمزية الأوروبيين منه إلى الرافعي صاحب كتاب (إعجاز القرآن). وإن بين أدباء المذهب الجديد من هم أقرب إلى الرافعي صاحب (إعجاز القرآن) وأقرب إلى أدباء العربية الأقدمين من الرافعي صاحب (حديث القمر) وأعني القرب في أسلوب التخيل وأسلوب عرض الصور الفكرية وكل صورة مستقلة غير متدخلة في أختها. فإذا أراد إذاً ناقد أن ينتقد المذهب الجديد أو الأدب الأوربي كانت الطريقة المثلى أن ينتقد ما يعيبه فيه على طريقة النقاد الفنيين فيبين الغث من السمين ويوضح أسباب حكمه على كل قول وكل أديب. أما أن يقول أن الأدب الأوربي كأدب المذهب الجديد فأسد المعنى والخيال ينبو عنه الذوق العربي وتمجه الفصاحة العربية، وإنه مباءة المجون والإباحية والزندقة، فقول من لا يريد أن ينقد ولا أن تقدر قيمة ما يقول قدراً صحيحاً، ولا أعني الأستاذ الغمراوي فان هذه أحكام شائعة. نعم إن بعض الأدب الأوروبي ولاسيما الحديث منه يحث أدباء العربية على بعض ما يخالف العرف والتقاليد الإسلامية، ولكن أليس في أقوال الشعراء العرب وأدبائهم في كل عصر أشياء كثيرة تخالف العرف والتقاليد والآداب والأخلاق الإسلامية كما أوضحنا بالشواهد؟

ونعترف أن في بعض الأدب الأوروبي الحديث ما يحث على الإلحاد، ولكن أليس في أقوال زنادقة الدولة العباسية وفي لزوميات رجل فاضل كالمعري مالا تسمح الحكومة بنشره لو أن أحد شعراء المذهب الجديد كان هو قائله؟ ولكن أقوال أدباء الدولة العباسية والمعري أقوال صقلها الدهر واعتادها الناس فلا بأس من أن يتفكه بها أدباء المذهب القديم في مجالسهم ولا بأس من نشرها وإيداعها مكتبات المدارس

وكما أن بعض الأدب الأوروبي أقرب إلى بعض الأدب العربي منه إلى عصور أخرى للأدب الأوروبي فكذلك بعض أدباء المذهب الجديد أقرب إلى أدباء المذهب القديم منهم إلى أدباء آخرين من أدباء المذهب الجديد، فأدباء المذهب الجديد اليوم أكثر حرية في القول واكثر نصيباً من الرمزية من أدباء المذهب الجديد الذين ظهروا منذ ثلاثين سنة

(قارئ)

<<  <  ج:
ص:  >  >>