والسخرية منه. إنني لا أدري إن كان البيان الذي يمتهنه جورجياس من النوع الذي أعرفه أم ليس منه، لأن مناقشتنا منذ هنيهة لم توضح لنا قط فكرته عنه. ولكن ما أدعوه أنا بالبيان ليس إلا قسما من شيء ليس بالجميل على الإطلاق!
ج - أي شيء ذاك يا سقراط؟ تكلم دون أن تخشى إساءتي!
ط - حسن يا جورجياس: فأني أعتقد أنه عمل لا يحتاج إلى شيء من الفن، ولكنه يتطلب فقط ذهناً فطناً جريئاً وقادراً بالطبع على الاتصال بالناس. وأساس هذا العمل كما أرى هو: الملق والرياء، ويشمل الملق أقساماً كثيرة الطهي أحدها، ويعد البعض هذا الأخير فناً ولكني أراه مجرد تجربة وتمرين. كما أرى بالمثل أن البيان والتزين والسفسطة من أقسام الملق كذلك، فكأننا لدينا أربعة أقسام متصلة بأربعة موضوعات
فإذا شاء بولوس الآن أن يسألني فليفعل لأني سأبين له من أي أقسام الملق هو البيان في رأيي، إذ هو لا يتصور أني لم أجبه بعد عن هذه النقطة، وهو يلح فقط في سؤالي عما إذا كنت أراه جميلاً! ولكني سوف لا أخبره إن كنت أعد البيان جميلاً أو قبيحاً قبل أن أجيبه: أي شيء هو؟ وإلا فلن يكون كلامنا منطقياً يا بولوس! وإذاً فسلني - إذا كنت تريد أن تعرف - أي قسم من أقسام الملق هو البيان في عُرفي؟
ب - إني لأسائلك عن إي قسم هو؟
ط - أترى ستفهم إجابتي؟ إن البيان عندي صورة ومثال لأحد أقسام السياسة!
ب - وماذا تعني بذلك؟ أتريد أن تقول أنه جميل أم قبيح؟
ط - أريد أن أقول إنه قبيح لأني أسمي قبيحاً كل ما هو رديء! ما دام يجب أن أجيبك كما لو كنت تعرف ما أريد أن أقول
ج - وأنا بالمثل لا أفهمك وحق زيوس يا سقراط!
ط - لست أعجب من ذلك لأني لم أشرح بعد قولي! ولكن بولوس شاب متحمس!
ج - فلتدعه ولتخبرني كيف تستطيع أن تقول أن البيان صورة ومثال لأحد أقسام السياسة!؟
ط - سأحاول إذاً أن أبين أي شيء هو البيان في رأيي، فإذا لم يك على ما أعتقد فليناقضني بولوس: أهناك من غير شك ما يسمى بالجسد وما يسمى بالنفس؟