. . . قلت للرافعي:(هذا ابن فلان الحاكم، وهذا الشرطي الذي يتبعه هو من جنود أبيه، وإن من خبره. . .)
قال الرافعي:(وهذا موضوع جديد!)
فهذا كان سبب إنشائه قصة (الطفولتان)
وكان الرافعي مؤمن بالغيب إيمانا عميقا لا ينفذ إليه الشك. وكان له عن الشياطين والملائكة، وعن الوحي والإلهام، وعن تجاوب الأرواح في اليقظة والنوم، أحاديث ينكرها كثير من شباب هذا الجيل. . .
. . . وكان له - إلى إيمانه وتديُّنه - نزوات بشرية تعقبها التوبة والندم، فكان أكثر وقته على تربص دائم من وسوسة الشيطان، فكان إذا مرت أمامه امرأة فأتبعها عينيه، أو سمع حديثاً عن غائب فتعقبه بالحديث عن بعض شأنه، أو ناله أحد بمساءة فردها إليه، استعاذ وحوقل، وقال: هذا من عمل الشيطان!. . . وإذا همت نفسه بشيء تنكره المروءة، أودعته داعية من هواه إلى ما يتحرج منه المؤمن، أو صرفه شأن من شئون الحياة عن واجب من واجبه، حمل نفسه على ما لا تحتمل، وأنكر على نفسه ما همت به أو دعت إليه أو انصرفت عنه، وذم الشيطان وتجنى عليه الذنب. وفي مقالته (دعابة إبليس) حديث يحقق هذا المعنى
. . . فأني لَمعَه ذات مساء إذ جاءه البريد برسالة من آنسة في دمشق، ومعها صورتها مهداة إليه، تبثه لواعجها وأشجانها، وتشكو إليه أنها. . . مفتقرة إلى رجل!
ونظر الرافعي إلى صورة الفتاة فأطال النظر، ووقف الشيطان بينه وبين الصورة يحاول أن يزيدها في وهمه حسنا إلى حسن، ويرسم له خطة. . .
ثم وضع الرافعي الصورة في غلافها وهو يقول:(أعوذ بالله من الشيطان. . . أَما إنه. . .)