وعلى هذا، تقول: راعني الأمر، أي وصل إلى خاطري، وتأثر به جناني، فإن كان ذلك الأمر داعية بهجة فذاك، وإن كان نذير مساءة فكذلك، فالزينة الرائعة هي الرائقة التي يبلغ إلى القلب الإعجاب بها؛ والفجيعة الرائعة هي المفزعة التي تهزُّ القلب نبأتها.
وأما لفظ الطرب فأن الخطب فيه أيسر. وقد تضاربت فيه أقوال فقهاء اللغة، ومن هذه الأقوال ما نوافقه فيما ذهبنا إليه.
هي آراء ثلاثة في ذلك اللفظ:
أولها أن الطرب للفرح، وللحزن. ومن شيعة ذلك الرأي (ابن الأنباري) فقد حشده في كتاب (الأضداد) فيما حشد من مادة كتابه!
والثاني أنه حلول الفرح وذهاب الحزن. وقد ذكر هذا الرأي صاحب اللسان، وكأنه عرف ضعفه فصان اسم صاحبه عن نسبته إليه
ثالث الآراء هو الذي نواطن اللغويين عليه، وهو أن الطرب خفة تعتري عند شدة الفرح أو شدة الحزن. وقد ذكره مكن أعلام اللغة جمع بينهم (ابن دريد) في الجمهرة و (الجوهري) في الصحاح
وممن أرتضى هذا الرأي من المتأخرين صاحب المصباح، فأنه أثبته في موضعه من معجمه وزاد عليه قوله:(والعامة تخص الطرب بالسرور). فهل فات الفيومي أن العامة تجري في هذا التخصيص على رأي أسلفنا ذكره هو الرأي الثاني؟ أم يذهب إلى أن هذا الرأي ينزل من الآراء منزلة العامة وقالة السوق؟!
ولعل أوفق ما قيل في معنى لفظ الطرب قول الثعلب:(الطرب (عندي) هو الحركة) فهذا هو القول الصائب على ما ترى؛ ولكن ابن سيدة قال في التعليق عليه:(ولا أعرف ذلك). . . على أن فقد المعرفة ليس بإنكار ولا تخطئة، ولثعلب أن يكون له (عند) وما هو بظنين
وثم لفظان هما عسيَّان أن يدخلا من هذا الباب، وتصدق عليهما هذه الصفة، ذانك لفظ الشجو، ولفظ الوله. فقد أصفق اللغويون - وبينهم الكسائي - على أن شجاه: حزنه وطرَّبه ضد. وذكر بعض منهم في المعجمات أنه قيل: إن الوله يكون من الحزن والسرور. وأنا لم أجد حول هذا الذي قيل في الوله ما يعزز جانبه، ولم أجمع من صيغه ولا من صيغ لفظ