مع التراحم والتواد بين عموم المسلمين كما أشرت لهذا في كتابي (الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي) في الربع الثالث منه عند الكلام على تاريخ علم التصوف، وقد بسطته أتم بسط في كتابي (برهان الحق في الفرق بين الخالق والخلق) حيث تكلمت على الكثير من الطرق ومنها الوهابية
فكل طريقة وجدناها تخدم الإسلام بإخلاص سائرة على هذا المبدأ سيراً مستقيما فأنعم بها وأكرم؛ وكل طريقة حادت عن هذا المبدأ نبذناها نبذ المستقذرات وتبرأنا من عملها تبرؤ إبراهيم من أبيه. أن سيدي الوالد المقدس كان من أتباع الشيخ التيجاني - رحم الله الجميع - وكان يؤكد لي أن الشيخ كان يقول لأصحابه: زنوا كلامي بميزان الكتاب والسنة، فما وافقهما فخذوه، وما خالف فانبذوه. فنحن نعمل بوصية الشيخ ونزن ما ينسب إليه بعض الجهلة من أصحابه إليه الذين لا يفرقون بين النبي والولي ولا بين الخالق والمخلوق - بميزان الشريعة، ثم نفعل ما أمرنا به قدس الله روحه
وعلى هذا فالقولة التي شاعت وذكرها بعض المؤلفين منهم ونسبها للشيخ وذكر أنه وجدها بخطه وهي: أن صلاة الفاتح لما أغلق تعادل ستين سلكة من القرآن أو ثمانين. ثم جاء بعض المؤلفين منهم فزاد صفراً وقال ستمائة، ثم جاء محشيه وزاد صفراً ثانياً وقال ستة آلاف سلكة
نقول إنا عرضناها على الكتاب والسنة فلم نجد إلا ما يردها وينبذها لأنها تقتضي كناية وهي أبلغ من التصريح أنها أفضل من الصلاة الإبراهيمية التي صحت بها الأحاديث بل ومن القرآن أيضاً وأن كلام المخلوق أفضل من كلام الخالق (ولذكر الله أكبر)
دعني من فرية أنها من الكلام القديم فمثل هذا لا ينطلي حتى على المغفلين ولا يلتفت إليه المؤمن بالله الذين يعلمون أن الوحي انقطع بموت النبي صلى الله عليه وسلم، وأن إلمامات المتصوفة والمرائي المنامية لا قيمة لها في الحجية عند كافة أهل العلم والدين المعتد بهم؛ والثواب على الأعمال ومقداره عند الله لا يدرك إلا بطريق الوحي الحقيقي ولسان النبوة الناطق؛ خلافاً للمعتزلة القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين؛ وأن العقل يستقل بمثل هذا
ومن المكر الخفي والكيد للإسلام المنطوي تحت هذه المقالة تزهيد الناس في القرآن العظيم وفي تلاوته ثم الأعراض عنه إلى ما هو أخف عملاً وفي الميزان أثقل في زعمهم الباطل