وعلى كل حال فقد حلت المفاوضات بين حكومة براغ والسوديت الألمان الأزمة التشيكوسلوفاكية، ولكن هذا الحل ظاهري؛ فظلت هجمات الصحافة الألمانية شديدة على سياسة الحكومة التشيكوسلوفاكية. ولم يكف الرجال المسؤولون في حكومة برلين عن التصريحات العدائية الشديدة ضد حكومة براغ. وكان الموقف، ولا يزال، معقداً وخطراً على السلام، مما أدى إلى تدخل حكومة لندن تدخلاً فعلياً في المشكلة التشيكوسلوفاكية. فقررت بالاتفاق مع باريس: إيفاد اللورد رنسيمان إلى براغ ليكون محققاً ووسيطاً في مسالة الأقليات. فقبلت حكومة براغ وساطة بريطانيا، ووافق السوديت على تحكيم اللورد رنسيمان
ويستخلص من إيفاد اللورد رنسيمان إلى براغ نتيجتان قوبلتا بالارتياح وهما:(أن الوصاية التي تتولاها إنكلترا تستلزم عند الاقتضاء كفالة أو ضماناً، وأنه قد زاد الأمل في الوصول إلى اتفاق سلمي وضعف الخطر الذي كان يخشى من استخدام القوة) كما يقول مسيو بلوم رئيس وزارة فرنسا السابق، في جريدة البوبلير
ولكن هل يوفق اللورد رنسيمان في إيجاد حل ملائم لهذه المشكلة يرضي براغ من جهة، وبرلين والألمان السوديت من جهة ثانية؟
إن مهمة اللورد رنسيمان صعبة، إذ عليه التوفيق بين وجهتي نظر متعارضتين. فألمانيا ترمي إلى أبعد من إزالة المظالم عن الألمان السوديت وإعادة حقوقهم إليهم. وأقل حل تقبله ألمانيا، وبالتالي يقبله السوديت الألمان، هو استقلال السوديت الألمان استقلالاً ذاتياً، واتباع حكومة براغ سياسة خارجية لا تتضارب مع سياسة الرايخ الخارجية، وذلك بترك حكومة براغ معاهدتي الدفاع مع فرنسا والروسيا، واتباع سياسة تتمشى مع سياسة حكومة برلين، أو على الأقل اتخاذ خطة حيادية شبيهة بوضعية بولندا. واتباع إحدى هاتين الخطتين، في نظر حكومة براغ، لا يتفق مع بقاء البلاد التشيكوسلوفاكية بلاداً مستقلة. وهي تؤدي إلى انضمام الأقاليم التشيكوسلوفاكية المأهولة بالألمان إلى ألمانيا، وإلى زوال الحصن العائق من طريق ألمانيا إلى أوربا الجنوبية والشرقية، وإلى تمكين ألمانيا من استئناف السياسة التي أحبطتها الحرب العالمية عام ١٩١٨.
ربما تقبل ألمانيا الآن حلا آخر أقل ملائمة لها، ولكن ذلك الحل لا يكون في نظرها إلا