للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في موسوعة واحدة يعم نفعها وتنتشر فائدتها؟ وإذا فما قيمة هذا التجميع في نظر الواقع والتاريخ والعلم؟

لقد بذل المرحوم محمد قدري باشا مجهودا لا بأس به في تجميع شطر غير قليل من مذهب أبي حنيفة مما لم يقم به العلماء المتخصصون منذ عهد الناس بمنشأ الفقه الإسلامي فاستنبط مجهوده من كتب صيغت بأساليب رث حبلها ونقضت أشلاؤها ودق على الباحثين وجه الصواب فيها، وكان العمل يومئذ بمذهب أبي حنيفة دون سواه مما جعل قدري باشا يضع في باب الأحوال الشخصية والوقف بنوعية كتابيه على صورة مواد حتى يكون قانوناً يسهل الرجوع إليه والاستشهاد به

لكن ما أسرع أن تمخضت حيل الناس في تطبيق مواد الطلاق ومواد النفقة وافتنانهم في الهرب من تطبيق الأحكام الشرعية على مذهب أبي حنيفة عن عجز القضاة الشرعيين وعدم قدرتهم على تطبيق تلك الأحكام تلقاء ما يبديه المطلق من أفانين وحيل للفرار من طائلة العقاب، وما يبديه المحكوم عليه بالنفقة وما يبدو من حيل المحامين الشرعيين في ذلك الميدان المنبسط الذي لا يحده تقنين ولا يردع عن العبث به رادع، فجأر القضاة الشرعيون بالشكوى من فشل هذه التجربة، والأستاذ المراغي يومئذ منهم في الطليعة يشاطره قوم ذوو دراية وكفاية؛ وقد شعروا بضرورة البحث في غير مذهب أبي حنيفة من المذاهب عما يسد حاجة المتقاضين ويفسح المجال للقضاة باعتبارهم المطبقين لأحكام الشريعة والمهيمنين على تنفيذها في مواد الأحوال الشخصية نائبين في ذلك كله عن ولي الأمر في البلاد، وما يقطع الطريق على حيل المحتالين، وما يفتح عيون الباحثين على ثروة غزيرة من العلم كانت ولا تزال منهلا ينهل منه المتقاضون وغير المتقاضين، وما يقوم دليلاً في كل يوم على أن الفقه الإسلامي كفيل بمسايرة كل عصر وجيل وخليق بأن يحمل أمانة البشر في مختلف مرافقه حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين؛ فوضع قانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٠ خاصاً بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية مؤلفاً من ثلاث عشر مادة، وهو يتناول معالجة الأحوال التالية.

(١) النفقة (٢) العجز عنها وما يترتب على ذلك العجز من الآثار (٣) حكم المفقود وما يترتب عليه قبل الخصوم من حقوق (٤) حكم القاضي بالتفريق للعيب وما يترتب على

<<  <  ج:
ص:  >  >>