ذلك العيب من آثار مباشرة وغير مباشرة (٥) الترخيص للزوجة بطلب التفريق من القاضي حال قيام العيب في زوجها وحاجة المجتمع إليه (٦) أحكام عامة متفرقة. ثم درجت المحاكم على تطبيق ذلك القانون بأمانة وتوفيق، ودرج المفتشون القضائيون في وزارة الحقانية على تتبع تطبيق هذا القانون وتبين المدى الذي وصل إليه من إصابة حاجات الجمهور وسد كفايتهم وإقناعهم بأن في ثنايا الفقه الإسلامي ما يكفل بعث الطمأنينة إلى قلوبهم وإيصال الحقوق إلى ذويها، فلم تمض فترة من الوقت غير طويلة حتى استفاضت تقارير المفتشين القضائيين بأعطر الثناء على ذلك الأثر الطيب الذي تركه قانون سنة ١٩٢٠ في نفوس المتقاضين.
وهكذا تحررت عقول طلاب الإصلاح من ربقة التقيد بكل قديم واقتنعوا بأن تطور الحياة وتشعب مسالكها وما يجد فيها من أحداث وعبر من أقوى الحوافز على تلمس أفضل المناهج في باب التقاضي، وكفالة مصالح الناس وردها إلى أمثل طريق وأبلج محجة. من أجل ذلك اطرد البحث عما يساير مصالح الناس ويماشي رغائبهم، وما يدفع عن المجتمع علله وأمراضه، فشعر المصلحون مرة أخرى بضرورة حماية الأسر من تلك الأمراض الفواتك التي لم يدفعها كثير من أحكام أبي حنيفة المتعلقة بالطلاق وبالتفريق للغيبة وبدعوى النسب وسن الحضانة وما إلى ذلك، فوضع مرسوم بقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ خاص ببعض الأحوال الشخصية يتألف من ٢٥ مادة، وهو يقع في تسعة أبواب: الباب الأول الطلاق (٢) الشقاق بين الزوجين (٣) التطليق لغيبة الزوج (٤) دعوى النسب (٥) النفقة والعدة (٦) المهر (٧) سن الحضانة (٨) المفقود (٩) أحكام عامة
ولا تزال الأمة في مسيس الحاجة إلى وضع قانون موضوعي، فأشير بوضع ذلك القانون. ثم تألفت لجنة تحت رياسة فضيلة شيخ الجامع الأزهر، وهي وإن سارت بخطى بطيئة إلى الآن لاعتبارات بعضها يرجع إلى المحيط الراهن، وبعضها يرجع إلى ثقل المسئولية في هذا القانون، فهي فيما نعتقد بالغة إن قريباً وإن بعيداً ما تصبوا إليه الأمة من كفالة لمرافقها وسد عوزها التشريعي في حياتها. هذا القانون الموضوعي إذا كتب له الوجود فسوف يجمع بين دفتيه تراثاً صالحاً في شتى المذاهب حتى مذاهب الأحرار من الفقهاء المشترعين الذين كانوا ولا يزالون بعيدين عن المحيط العملي، فكان العلماء في الأزهر لا