والتنظيم الحديث إذ اصدر السلطان مولاي يوسف رحمه الله أمره بتأسيس مجلس للنظر في شؤون القرويين ووضع برنامج للدراسة فيها، فتألف المجلس ووضع البرنامج، وكان من أهم ما اشتمل عليه مما يُعدُّ حدثاً جديداً في تاريخ الكلية، تقسيم منهاج الدراسة إلى ثلاثة أقسام: ابتدائي وثانوي ونهائي، وتقرير نظام المراقبة والامتحانات؛ ولكن تنفيذ هذا البرنامج كان من العسير لمخالفته لمألوف الناس الذين يقفون كثيراً مع العادات. وجاءت مشاركة بعض الشخصيات الغربية في وضعه ضغثاً على إبالة، فاستراب الناس به حتى من كان يحب الإصلاح ويميل إلى التجديد. وهكذا بقى ما كان على ما كان. وحدث أن السلطة كانت تستخدم بعض الشخصيات البارزة من العلماء في مختلف المصالح، والبعض الآخر كان ينتثر عقده بالموت، فلم يشعر الناس إلا وجامع القرويين يكاد ينعق فيه البوم والغراب لخلوه من أهل الكفاية والجد الذين كانوا يعمرونه بالدروس النافعة الدائمة ولا يبغون على ذلك ثواباً ولا أجراً. فغلقت الأفكار وساءت الظنون وكثرت المساعي التي ترمى إلى الإصلاح العملي والتنظيم الجدي، فما كان إلا أن اصدر الأمر الملكي المحمدي الكريم بذلك ونفذ في محرم فاتح عام ١٢٥٠ ولا يزال العمل عليه إلى الآن
ينص هذا الأمر على تقسيم منهاج الدراسة إلى ثلاثة أقسام كالسابق ويزيد عليه بجعل القسم النهائي على نوعين: ديني وأدبي.
ويحصر مدة الدراسة في (١٢) سنة منها ثلاثة للابتدائي وستة للثانوي وثلاثة للنهائي. وفضلاً عن تقريره لجميع العلوم الشرعية وآلاتها التي كانت تدرس في الكلية من قبل - فإنه أضاف إليها علوماً جديدة كالتاريخ والجغرافية والهندسة وجعل عدد الأساتذة النظاميين (مبدئياً) ٣٢ وعين لهم أجوراً لا بأس بها، وحدد مدد العطلة، وضبط أمر امتحانات النقل والتخريج، وبين نتائج النجاح وما يخوله نيل الشهادة في كل من الأقسام الثلاثة