١٨٨٢:(وفي تتبع تاريخ هذه النباتات لم أجد أثرا لصلة كانت بين سكان الدنيا القديمة وسكان الدنيا الجديدة فيما قبل العصر الكولومبسي) وقال العالم الأحدث فافيلوف (١٩٣١): (ان الزراعة في أمريكا قبل العهد الكولومبسي نشأت نشوءاً مستقلا عن الزراعة في الدنيا القديمة، فإذا نحن قلنا مع أغلب البحاث ان سكان أمريكا القديمة أتوا من آسيا وجب أن نقول أيضا أنهم أتوا فارغة أو طابهم من كل نبات أسيوي. ومعنى هذا إن النبات في الدنيا الجديدة استأنست عن أجناس وحشية نبتت في تلك الأصقاع ذاتها) ولكن لما فتح كولومبسي أمريكا للعالم القديم، وصح عند الناس أن بلداً كبيرا واسع الغنى خبيئ الثورة قد انكشف، ركبوا إليه أفواجا بأهلهم ومتاعهم وحملوا معهم ما عرفوا من الحيوان وما ألفوا من النبات وبذوره. وبذلك نقلوا المستأنس من الحيوان والنبات إلى ذلك البلد الجديد، ورجعوا إلى بلدهم القديم بنبات تلك القارة الجديدة الواسعة وبحيوانها. ودارت الأفلاك بالسنوات والأحقاب. والإنسان دائب في مزج أحياء المشرق بأحياء المغرب غير متعمد ذلك ولا قاصد إليه، حتى ضاعت المواطن الأولى لتلك النباتات وأمحت قوميتها، وتأقلمت فاستترت سيماء الأجنبية منها، واستعربت فاختفت مظنة العجمة فيها. أو استعجمت فذهبت العروبة عنها، فالمصري يزرع الذرة والبطاطس ويحسب أنها مصرية وهي أمريكية، والأمريكي يزرع الأرز والموز وجوز الهند ويحسب أنها أمريكية وهي أسيوية. وما جرى بين أمريكا والدنيا القديمة جرى لا شك بين تلك القارات فيما بينها وبين أصقاع القارة الواحدة
اختلطت نباتات الأرض فاستبهمت أصولها، وانتشرت حيواناتها في البلاد فأصبحت كل أرض بلدها، فهل يكون للإنسان، وهو جنس واحد من الحيوان. مثل هذا المآل؟