للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أمومتها

والتوفيق بين الأمرين من أندر الأمور، في حين أن جسم الرجل لا يحتاج إلى صعوبة في التوفيق بين إنجاز شرائط الأبوة فيه وإنجاز شرائط الجمال

ومع ندرة التوفيق بين الشرطين في المرأة، لا غنى عن التجوز والتسهل في كثير من الأحوال، فأقصر النساء جذعاً وأضيقهن حوضاً وأكملهن أكتافاً لا يحمد منها أن تلوح كالرجل في تركيب هذه الأعضاء؛ ولا بد من التجوز والتسهل في بعض الزيادة على الردفين وبعض النقص على الكتفين، وإلا كان ضمور الردفين ضموراً تاماً علامة تشويه لا علامة جمال، إذ كان الأصل في المرأة أن لها وظيفة الحمل والولادة، فإذا تجردت من هذه الوظيفة فهي مشوهة، وإذا احتفظت بها فمن مرض؛ ولا شك أن تكون عظام الردفين غير مكسوة باللحم الذي لا بد منه لكل جسم صحيح سليم

وعلى هذا تكون المرأة جميلة ولا تكون قنطاراً واحداً لا زيادة عليه

تكون جميلة إذا قل فيها الفضول ولو زاد الوزن غاية ما يقدر له المزيد

وتكون مع ذلك (امرأة جميلة) وليست جميلة بمعاني الجمال على إطلاقها؛ وهي كما أسلفنا القرب من الحرية والبعد من الضرورة؛ وأن يكون الجسم معلقاً على نفسه غير معلق شروط في خارجه، سواء صعب أو سهلت في التحصيل

ولا بد من التجوز والتسهل على هذا الاعتبار في حدود ما قدمناه

ويلحق بتفصيل ما قدمنا الجواب عن سؤال وجهه إلينا الأديب (عبد المنعم شلبي) يقول فيه:

(هل يعجز امرئ القيس وهو ذلك الفنان البارع ذو الخيال الوثاب الذي استطاع أن يتذوق جمال الطبيعة ويترجم عنها في قصائد عن رسم مثال للأنوثة موافق لمعاني الجمال بمعزل عن المتعة لتخلف الأوان؟ وهل لتخلف الأوان دخل في تقدير الجمال؟ وإذا كان كذلك فمالنا نرى تمثال فينوس مع تخلف أوانه رمزاً ومقياساً لمعاهد الجمال في العصر الحديث؟)

والجواب أن أحيل الأديب صاحب السؤال إلى ما أسلفت عن سبب قصور امرئ القيس في تعريف مقاييس الجمال، فأنني لم أقل أنه يقصر في هذا الباب لتخلف الأوان ثم سكت على ذلك؛ بل قلت أنه يقصر فيه (لتخلف الأوان وندرة الأسباب)

<<  <  ج:
ص:  >  >>