التزييف وتأديب أصحابها لأنهم لم يعوا معنى كلمة الجاحظ (ينبغي لمن يكتب كتاباً أن يكتبه على أن الناس كلهم له أعداء، وأنهم أعلم منه بما يقول. وأن لابتداء القول فتنة وعجبا)، ولا قول الآخر:(من ألف فقد استهدف)
غير أن هذا كله ليس مبرراً لتهجم الناقد على نفس المنقود وذهنه، وليس داعياً إلى تحطيم حرماته وإهدار قداسته الطبيعية التي هي له حق طبيعي من قبل أن يخط حرفاً أو يعمل عملا هو فيه حسن النية لا ريب؛ إذ أنه يريد أن يشارك به في المجهود الإنساني. فإذا لم ينل الشكر فلا أقل من ترك حرماته من غير تجريح
وأذكر أنني قرأت منذ عشر سنوات لكاتب تونسي لا أتذكر اسمه كلمة في مقدمة كتاب ألفه، تفيض باسترحام القارئ ليفضي عما في الكتاب من نقص يجده؛ إذ أن مؤلفه كتبه بضياء عينيه ساهداً في جوف الليل ليسعد به قارئوه الذين كانوا نياماً في ذلك الوقت. وهو معنى جميل لو وضعه الناقد أمام عينيه لوقف وقدر ثم وقف وقدر كرتين قبل أن يعمل قلمه بالنقد المسلح الجارح
وأظن أن كاتباً ما، لم يحمل قلمه ويخط به حرفا إلا وهو يضمر مع ما يضمر من شهوة خلود الذكر أو الشهرة، النفع وتنمية الميراث الفكري. وهذا وحدة يحتم علينا احترام اتجاهه تشجيعا له ولغيره. اللهم إلا الكاتبين الهدامين الذين في تركهم أو تقديرهم خطر؛ فأولئك يجب هدمهم بالنقد وإهدار حرماتهم كما أهدروا حرمات المجتمع
وما أجمل مذهب القائل - وأظنه شاعرا سوريا أو لبنانيا معاصراً -:
أيها الناقص أعمال الورى ... هل أريت الناس ماذا تعمل؟
لا تقل عن عمل: ذا ناقص ... جيء بأوفى ثم قل: ذا أكمل