للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

معاني البطولة والعظمة والحرية والفداء. . .

ووقف الرئيس الجديد يوجه الكلام للشعب جميعاً لأول مرة وقف فتى الأحراج هاتيك المجموع ثبت الجنان، مستوي القامة، مرفوع الهامة، وإلقى نظرة أمامه على علية القوم من الشيوخ والأعيان ورجال الجيش ورجال الدين والقضاة وغيرهم وغيرهم ثم مدّ بصره في المجموع وقد سكنت ريحهم فتهيأ للكلام. . . ولكن ماذا عراه؟. لقد وقف يمسك بإحدى يديه عصاه وبالأخرى قبعته، فكيف يمسك الورق ليتلو منه خطبته؟ ها هو ذا يسند العصا إلى الحاجز الخشبي أمامه فأين يضع القبعة؟ لقد أوشك أن يقع في ورطة، وأوشك أن يثير ضحكات الخصوم بحيرته؛ ولكن هاهو ذا رجل يثبت من مكانه وكان يجلس منه في سمت بصره، فيأخذ القبعة من يده. . . ومن هو ذلك الرجل؟ إنه دوجلاس خصمه القديم ومنافسه ذو البأس الشديد. . .

وكان دعاة الانسحاب من أنصار الجنوب يأملون أن يتهدد لنكولن الولايات الجنوبية ويتوعد، فيشتد بذلك الهياج في تلك الولايات ويتعذر لعدها أن يجنح هؤلاء للسلم، ولكن لنكولن خيب ظنونهم وزادهم بحكمته وحصافته وبعد نظره ويقظته غماً على غم. . .

كانت خطبته خير مثال للاعتدال في غير تفريط، وللتواضع في غير استخذاء أو استسلام، وللتحذير في غير إثارة أو استفزاز، وللمرونة في غير رياء أو التواء، وللعدالة في غير مشادة أو عناد. . . كما كانت كالسلسل العذب فصاحة وسهولة؛ ناهيك بما امتازت به من نصوع البرهان ومتانة الحجة واستقامة المنطق وجمال السبك وبراعة السياق ودقة الإلمام بالموضوع، وسعة الإحاطة بما كان يشغل الأذهان

وكان الخطيب رنان الصوت، قوي الجرس، وثيق الإشارات تشيع في كلماته حرارة الإيمان وقوة اليقين وصدق الإخلاص فتنفذ إلى قلوب أنصاره وخصومه على السواء؛ وإن كان خصومه ليكرهون فوزه وينكرون مبادئه. . .

قال يشير إلى مخاوف أهل الجنوب: (يظهر أن المخاوف تنتشر في الولايات الجنوبية، ومبعثها أن قبولهم الحكم الجمهوري من شأنه أن يعرض أملاكهم وسلامتهم وأمنهم على أشخاصهم المخاطر. إنه لم يكن هناك سبب معقول لهذه المخاوف؛ بل لقد قامت بينهم أقوى شهادة على نقيض ذلك، وكانت دائماً سمعهم وبصرهم. . . إنها تكاد توجد في كل خطبة

<<  <  ج:
ص:  >  >>