- لكن حدثيني. . . مالك. . .؟ أتشكين من الخبر الذي تأكلينه؟ أترغبين في العسل الشهي والرُطب الجني؟. . لشد ما تحزنيني يا صبية! تكلمي وأسمعيني. . أتطمعين في أن تكوني ابنة أمير غني ظالم ترفلين في قصره بالدمقس وبالحرير بين ستور الخز ونضائد الديباج، وتحيط بك الوصائف والجواري، تغمضين أجفانك إذا أقبل الليل بين أناشيدهن العذاب، وتفتحين أجفانك إذا أقبل النهار بين رقصاتهن السواحر. . . ويأتي إليك الأمراء ينشدون ودك ويطلبون رضاك. . لتنظري إليهم بطرفك الفتاك، أو لتبتسمي لهم بثغرك الفتان. . .! تكلمي. . تكلمي. .
قالت الفتاة وقد وضعت كفيها الصغيرتين فوق وجهها لتخفي ابتسامة علت ثغرها كلها سحر ودلال. .
- كلا. . كلا. . ما أريد هذا ولا ذاك! ولكني أغار. . نعم أغار من الأزهار. إنهن لجميلات. . وإني لأغبطهن تارةً، ويداخل قلبي الحسد لهن أخرى. . . آه لو كنت زهرة بنفسج في أحد المروج الخضر. . .!
- هه. . هه. . إذن كوني زهرة بنفسج يا حسناء. . .!
فانقلبت حسناؤنا فجأة إلى زهرة بنفسج نبتت بين الأعشاب الندية في أحد الحقول. . . وراحت تغازل الشمس في النهار، وراح القمر يغازلها في الليل. . لقد كانت فاتنة تبهر العين وتغريها. ولقد كان لها أريج عَطِرٌ يسكر النفس ويحيها. . . يا لجمالها! إنها ترقد بهناء وسرور. . تضحك وتلهو. . وترسل شذاها يملأ السهل والوادي. . حتى إن أزاهير الغاب حسدنها، ورحن يتهامسن ويقلن: (يا لسحر هذه الزهرة!. إن الفراشات ليتشاجرن من أجلها، ويترامين فوقها. . يا لسحرها. . يا لسحرها!
ولكن. . ما لها. .؟ أن الكآبة قد عاودتها، وكاد الذبول يقضي عليها؛ وإنها لتذرف الدموع صباح مساء. .!
- إيه يا زهرة البنفسج! ما الذي يشجيك أيضاً. . .؟ أما تمنيت أن تكوني زهرة بنفسج فكنتها. . .؟ إنك الآن سيدة الأزهار. . . أن صواحبك زهرات الغاب ليحسدنك على جمالك ونضرتك. فتكلمي يا زهرة البنفسج. . .