للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صعاليك الصحافة، فكيف وقد قرأنا أيضاً ثناء الصباح وتقريظها؟ وأخذتنا الشفقة على الأستاذ الكبير الذي طالما أشفقنا من الخصومات التي كانت تثور بينه وبين أهل الأدب ولا سيما الإمام العقاد. وهكذا صدق ظننا فبرز مقال الأستاذ القشاشي (صعاليك الأدب واستجداء المدح والثناء) في العدد التالي من (الصباح). ولا تسأل عما يحوي من قوارص الكلم وفاضح التعريض

قلنا إننا نشفق من هذه الخصومات التي تقع بين كبار الأدباء لأنها في الغالب لا يكون باعثها النقد النزيه، فيسمج عندنا أن ينزل مثل العقاد والرافعي من عليائهما إلى ميدان المهاترة إرضاء لحالة الموجدة وطبيعة الغضب كما وقع في قضية الرافعي والقشاشي، فبينما الصفاء والسلام إذ الحقد والحرب. ونحن لسنا من مقلدة الرافعي ولا من المتعصبين للعقاد، ولكن لهما معاً عندنا مقام سام، وفي أنفسنا لكل منهما حيز لا يشغله الآخر. عرفناها معاً من قديم واغتبطنا بآثارهما كل الاغتباط؛ وكنا نأسف على ضياعهما بين قومهم وعدم عرفان حقهما حتى جاءت (الرسالة) فعرفت بالرافعي الذي كان أكثرهما ضياعاً وأنكرهما عند جمهور القراء في العالم العربي. وسيكون لهما من الذكر في المستقبل الأيام ما يغطى على غيرهما أياً كان، بل أنها سيكونان علمي عصر النهضة في تاريخ الأدب العربي الحديث، ورمز المذهبين المدرسي والابتداعي المتكونين في هذا الأدب كما يجب الآن.

ولسنا ندلي برأي إلى الأستاذ العريان، وحسبه من كلمتنا هذه ما يتعلق منها بخصومه الرافعي والقشاشي، لكن القراء أيضاً لهم حظهم فيما يقرأون، فلذلك تطرقنا ولو بهذه الإلمامة الخفيفة إلى وجه الرأي في أدب الرافعي والعقاد، حاسبين أن ما كان بينهما من خصومة إنما هو نتيجة الغيظ وحدة البادرة وأن ما كتبه كل منهما في هذه الخصومة إنما من قبيل ما كتبه الرافعي والقشاش باعثه الظن السيئ والعجلة. وللقوم وفي عمرو بن الأهتم وما كان بينه وبين الزيرقان بن بدر من المنافسة والمشاتمة بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم شافع وعذر. . .

(طنجة)

عبد الله كنون

<<  <  ج:
ص:  >  >>