هائل إلى الحضيض. انتهى بنا هذا المرتقى المخيف إلى مكان به فنادق عظيمة وطريق ضيقة معبدة، فسرنا نتأمل جمال الخليقة وجلالها حتى راقنا مكان قصيَّ على سفح اخضر؛ فصعدنا إليه، وأخذنا حظنا من الراحة والتأمل والتعجب. وكان معنا طعامنا فطعمنا
وسرنا إلى مرقب يطل على البحيرة يعلو على البحر ثلاثة آلاف وأربعمائة قدم، فجلسنا قليلا ولحق بنا جماعة من السائحين الأمريكانيين معهم امرأة تدلهم الطريق والتاريخ. وقفت وحفوا حولها فقالت:(هنا منظر من أروع مناظر العالم؛ هنا سبع بحيرات؛ إلى اليسار بحيرة سمباخ. ولها صيت في تاريخ سويسرة: هنا كانت حرب بين النمساويين والسويسريين الذائدين عن بلادهم، وكان الأولون مثلى الآخرين عدداً. فلما أعيت السويسريين بين الحيل تقدم واحد منهم إلى معسكر العدو فجمع من رماحهم ما استطاع وهم بالرجوع لولا أن أدركه العدو فقتله. وتحمس قومه وحاربوا حتى ظفروا. هذا البطل اسمه (وينكل ريد). ومضت في حديثها عن البحيرات. وقد رأيت اسم هذا البطل على إحدى البواخر الماخرات في البحيرة
وقرانا في لوحة هناك إن على مسيرة عشرين دقيقة مصعدا هو أعلى المصاعد وأسرعها في أوربا. يصعد خمسمائة وستا وخمسين قدما. فسرنا في طريق بين الأشجار الباسقة تلوح من خلالها زرقة السماء وزرقة البحيرة، وقد تتابعت الأشجار على السفح هابطة، وإن الواحدة منها ليرى جذعها مستقلا بعيدا على السفح، وتشرف ذروتها معتلية مشرفة فوق الطريق. وهذه الأشجار السامقة ترى من الحضيض كأنها أعشاب على سفح أو شجيرات
وانتهى المسير إلى المصعد، فإذا قضبان محكمة على جانب الجبل يصعد بها هذا المصعد وينزل في دقيقة. يصعد من جوف الجبل حينا ثم يبدو بين جدارين ناتئين من السفح، ثم يظهر معلقا في اللوح كأنه طائر يحاول ذروة شاهقة
بدا لنا أن نترك لوسرن لنقيم في هذه الناحية أياما. فسرنا نرود المكان وفنادقه حتى وقف بنا الاختيار على فندق صغير منفرد هو اقرب مكانا ومنظر إلى الريف منه إلى المدن. فقلنا: هذا منزل حسن. . ماذا نصنع بالمدن وهي متشابهة في العالم كله؟ وماذا نرى في الفنادق الكبيرة وهي لا تختلف بين مدينة وأخرى إلا قليلا؟ هنا نظفر بالهدوء والسكون، ونقرب من الغابات والحقول ونرى من عادات القوم ما لا نرى في لوسرن