ب - ألم توافق منذ لحظة على أنهم يفعلون ما يبدو لهم كأحسن الأفعال؟
ط - ومازلت للآن موافقا على ذلك؟
ب - فهل يفعلون - على ذلك - ما يريدون؟
ط - ذلك ما أنكره!
ب - حتى ولو كانوا يفعلون (ما يسرهم)؟
ط - بلى
ب - إنك لتقول أشياء بالغة الغرابة وجديرة بالرثاء يا سقراط؟
ط - لا تلمني هكذا سريعاً يا بولوس إذا استعملت لهجتك وأسلوبك!، إنك إذا كنت قادرا على توجيه الأسئلة إلىَّ فبرهن لي أني قد غششت نفسي!، وإلا فلتجبني بنفسك
ب - وإني لجد راغب في إجابتك كيما أعرف أخيرا ماذا تريد أن تقول!
ط - أتعتقد أن الناس يريدون كل ما يفعلون من أعمالهم أم هم لا يريدونها إلا من أجل شيء آخر؟ مثلا أولئك الذين يتناولون جرعة الدواء التي يقررها الطبيب: أتراهم يريدون في رأيك أن يبتلعوا ما لا يسيغونه؟ أم هم لا يفعلون ذلك إلا من أجل شيء آخر هو (الصحة)؟
ب - واضح أنهم لا يريدون من ذلك غير الصحة!
ط - وبالمثل أولئك الذين يركبون البحر أو ينهمكون في كل بحارة أخرى فانهم لا يريدون ما يباشرنه يومياً - لأن من يواجه البحر يعرض نفسه لصنوف العوائق والأخطار - وإنما الذي يريدونه في رأيي هو الشيء الذي من أجله يبحرون وأعني به (الثروة)، لأنا لا نبحر إلا لكي نثري!
ب - ذلك مؤكد!
ط - أو ليس الأمر بالمثل في جميع الأفعال؟ أي إذا فعل الإنسان شيئا من أجل غاية ما، فانه لا يريد ما يفعل، ولكنه يريد (الغاية) التي من أجلها يفعل ما يفعل؟
ب - بلى!
ط - والآن هل يوجد في الدنيا شيء لا يكون حسنا أو رديئا، أولا هو بالحسن ولا هو