تولى السلطة في العراق شاد عمارة القبر الثالثة (أقام بعسكره في ذلك الطرف قريباً من السنة وبعث فأتى بالصناع والأساتذة من الأطراف وخرب تلك العمارة وصرف أموالا كثيرة جزيلة وعمر القبر عمارة جليلة حسنة)
وقرأت في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب. . . إلى أن كان زمن عضد الدولة فناخسرو ابن بويه الديلمي فعمره عمارة عظيمة واخرج على ذلك أموالا جزيلة وعين له أوقافا، ولم تزل عمارته باقية إلى سنة ٧٥٣ وكان قد ستر الحيطان بخشب الساج المنقوش فاحترقت تلك العمارة وجددت عمارة المشهد على ما هي عليه الآن (توفى المؤلف سنة ٨٢٨) وقد بقي من عمارة عضد الدولة قليل)
وقال آخر إن عمارة عضد الدولة من أجل العمارات ومن أحسن ما وصلت إليه يد الإنسان في ذلك الوقت بذل عليها الأموال الطائلة وجلب إليها الرازة والنجارين والعملة من سائر الأقطار. قالوا إن هذه العمارة وإن كان لعضد الدولة يرجع تأسيسها فقد عرضت عليها إصلاحات جمة وتحسينات قيمة من البويهيين ووزرائهم والحمدانيين ومن المستنصر العباسي الذي عمر الضريح المقدس وبالغ فيه وزاره مراراً (كما في فرحة الغري) وكذلك لقد عمر من قبل: بني جنكزخان وغيرهم حتى وصلت العمارة إلى ما شاهده ابن بطوطة الرحالة الذي وردها بعد أن قضى حجه عام ٧٢٥هـ وقال في رحلته: (نزلنا مدينة مشهد علي بن أبى طالب (رضه) بالنجف وهي مدينة حسنة نظيفة في أرض فسيحة صلبة من أحسن مدن العراق وأكثرها ناساً وأتقنها بناء. . . ودخلنا باب الحضرة حيث القبر الذي يزعمون أنه قبر علي (ع) وبازائه المدارس والزوايا والخوانق معمورة أحسن عمارة وحيطانها بالقاشاني وهو شبه الزليج عندنا لكن لونه أشرق ونقشه أحسن. ويدخل من باب الحضرة إلى مدرسة عظيمة يسكنها الطلبة والصوفية من الشيعة؛ ومن تلك المدرسة يدخل إلى باب القبة عليه الحجاب والنقباء والطواشية يأمرون الزائر بتقبيل العتبة وهي من الفضة وكذلك العضادتان؛ ثم يدخل القبة وهي مفروشة بأنواع البسط من الحرير وبها قناديل الذهب والفضة منها الكبار والصغار، وفي وسط القبة مسطبة مربعة مكسوة بالخشب عليه صفائح الذهب المنقوشة المحكمة العمل مسمرة بمسامير الفضة قد غلبت على الخشب بحيث لا يظهر منه شيء، وارتفاعها دون القامة وفوقها ثلاثة قبور يزعمون أن أحدها قبر