يقع هذا الكتاب في ٥٥٠ صفحة من القطع الكبير، وهو مصدر بمقدمة اشتملت على مناهج البحث في العصر الحديث وعلى ما يجب أن يسلكه الفيلسوف في استعراض المذاهب الفلسفية، وما يجب أن يكون عليه من الصفات، وما يجب أن يلاحظ من ترتيب الحوادث بعضها على بعض تبعا لقانون المنطق القويم حتى تكون نتائجه سليمة قويمة، واشتملت فوق ذلك على بحث مشكلتين عويصتين طال فيهما لجاج العلماء. وهما: أصل الفلسفة وهل هي إغريقية مبتدعة أم شرقية متبعة؛ وتسلسل الثقافات بعضها من بعض. أما الكتاب نفسه فقد عرض في تفصيل وتحليل دقيقين للفلسفات المصرية، والهندية، والفارسية، والصينية، والكلدانية، والعبرانية، فدرس في مصر الحياة العقلية منذ نشأتها، وتعقب التفكير وتطوره في عصر ما قبل التاريخ، ثم في عصور: منفيس، ومدينة الشمس، وطيبة، فأبان بإسهاب التطورات التي تعاقبت على آراء المصريين في الألوهية، والنفس والآخرة، والسؤال والميزان، والعقاب والثواب، والأخلاق والآداب، والفنون والعلوم. ولعل من الطريف أن نذكر هنا أن الدكتور قال: عرف المصريون الضمير منذ أقدم عصورهم، ووصفوه وصفا فلسفيا فقال فيه قائلهم: إن قلب الإنسان هو إلهه الخاص، وإن قلبي قد رضى عن كل ما عملته وكل من رضى قلبه عن عمله التحق بمرتبة الآلهة)
ثم أنتقل الدكتور إلى الهند فتناول فيها أربعة عشر مذهبا بين ديني وفلسفي بتحليل ونقد لو أننا حاولنا تعقبهما لطال بنا الكلام ولكنا نكتفي بالإشارة إلى مدارسة (ساسكيهيا) التي وجد فيها المنطق قبل أن يوجد أرسطو بأمد بعيد، ولم يذر الحديث عن الهند حتى قرر (أن الفلسفة بجميع أقسامها قد أزهرت فيها إزهارا فائقا، وأن اليونان مدينة لتلك البلاد بكثير من نظرياتها التي يعتقد السطحيون أنها مبتدعة) وحسبك أن تعلم أنهم (وصلوا إلى نظرية الذر أو الجوهر الفرد قبل (يموقريت) و (لوسيب) وأنهم أساتذة (فيثاغورث) أكبر رياضي اليونان على الإطلاق)
وبعد أن فرغ من الهند انتقل إلى الكلام عن الفرس. فدرس الديانات القديمة ومذاهب (زرادشت) و (ماني) و (مزدك) دراسة وافية ممتعة. ثم عرج على الصين فتناول عصر ما قبل التاريخ. ثم العصر المنهجي، حيث درس في عمق مذاهب:(لاهو - تسيه) و (كونفوشيوس) و (مانسيوس) والمدرسة السوفسطائية والمنطق في الفلسفة الصينية إلى