للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أن تقاس بمقاييس العقل النظري والمنطق الموجود، في حين أن (قواعد اللغة) لا تخرج عن نطاق (الأمور الاجتهادية) التي يجب أن تبقى خاضعة لحكم العقل والمنطق على الدوام.

إنني لا أعترض - في مقالي هذا - على من يقول بوجوب التمسك (بخصائص اللغة) على علاتها؛ غير أني أقول في الوقت نفسه: إن (قواعد اللغة المدونة في الكتب) لا تدخل في نطاق (خصائص اللغة)؛ فمهما تطرقنا في الأخذ بمبدأ (التمسك بخصائص اللغة على علاتها)، ومهما استرسلنا في الدفاع عن نظرية (المحافظة على تلك الخصائص بدون تبديل وتحوير). . . يجب أن نسلم في الوقت نفسه بأن ذلك لا يستلزم - بوجه من الوجوه - (التمسك بقواعد اللغة) على أشكالها الحالية. فيجب أن نتذكر على الدوام أن هذه القواعد من وضع علماء اللغة الأقدمين، وهي تمثل - بطبيعة الحال - طرق تفكيرهم في مسائل اللغة، وأساليب استنباطهم لقواعدها. لذلك لا يجوز لنا أن نقبلها بدون مناقشة وتفكير؛ بل يجب علينا أن نعيد النظر فيها، ونطيل التفكير حولها، لنكشف مواطن الخطأ والصواب فيها، فنسعى إلى إصلاحها وتصحيحها وفقاً للطرق المنطقية المتبعة في الأبحاث العلمية بوجه عام. . .

إن الملاحظات الانتقادية المعروضة في هذا المقال، مستندة على هذا الرأي الأساسي، ومنبعثة عن هذا الاعتقاد الصريح، وهي تقوم بحملة على (قواعد الصرف والنحو المدونة) وتطلب إصلاحها إصلاحاً جوهرياً. . . دون أن تتجاهل (الخصائص) التي تختص بها اللغة العربية، ودون أن تدعو إلى إهمال تلك الخصائص أو الخروج عليها

هذا، ومما يجب ألا يغرب عن البال في هذا المقام أن العلماء الذين توغلوا في استنباط قواعد اللغة العربية وتدوينها لم يتفق بعضهم مع بعض في جميع المباحث والأمور؛ بل كثيراً ما اختلفوا في عدد غير قليل من المسائل والقواعد؛ واختلافهم هذا أدى إلى تكوين مذاهب لغوية شتى

إنني لم أر داعياً لاستعراض جميع الآراء والمذاهب اللغوية خلال هذا الانتقاد؛ بل رأيت أن أحصر بحثي وانتقادي على (قواعد اللغة العربية) التي أصبحت (رسمية نوعاً ما) لدخولها في الكتب المدرسية واندماجها تقاليد التدريس

<<  <  ج:
ص:  >  >>