وأعتقد أن الكتب المدرسية التي تمثل (القواعد الرسمية) أحسن تمثيل، هي السلسلة المطبوعة في مصر بعنوان كتاب (قواعد اللغة العربية)، لأن هذه السلسلة تدرس في جميع المدارس المصرية بناء على قرار (وزارة المعارف العمومية) منذ عدة سنوات؛ وهي تحمل توقيعات عدد غير قليل من كبار الأساتذة والمفتشين؛ فقد ألفتها لجنة مكونة من خمسة أساتذة، (ووضعت خطتها وراجعتها لجنة مؤلفة من) خمسة آخرين، وبين هؤلاء المؤلفين والمصححين ثلاثة من أساتذة الجامعة المصرية ومدرسيها:(طه حسين، أحمد أمين، إبراهيم مصطفى)، وثلاثة من أساتذة دار العلوم:(محمود السيد عبد اللطيف، عبد المجيد الشافعي، علي عبد الواحد وافي)، وثلاثة من المفتشين:(محمد عطية الإبراشي، محمد مهدي علام، ومحمد أحمد جاد المولى)؛ وقد ساعدت المكانة العلمية والأدبية التي اشتهر بها هؤلاء الأساتذة والعلماء على انتشار سلسلة هذه الكتب خارج القطر المصري أيضاً، حتى إن هذا الانتشار أخذ في آخر الأمر شكلاً رسمياً في العراق إذ اقتفت وزارة المعارف العراقية أثر وزارة المعارف المصرية في هذا الباب، فقررت تدريس الكتب المذكورة في جميع المدارس الابتدائية والثانوية
فإذا اعتبرنا (قواعد اللغة) المدونة في سلسلة هذه الكتب - المقررة في مصر والعراق - بمثابة (القواعد الرسمية) كنا قد عبرنا عن الحالة الراهنة أحسن تعبير
إن الملاحظات الانتقادية في هذا المقال تحوم حول الخطط المتبعة في الكتب الرسمية المذكورة وقواعد اللغة المدرجة بها
١ - تبويب المباحث
إن أبرز المآخذ التي تلفت أنظار الباحث في كتب (قواعد اللغة العربية) تعود إلى الطريقة المتبعة في (تبويب المباحث وعرضها) فان هذه الطريقة تخالف أصول التربية والتعليم مخالفة صريحة، كما تنافي العقل والمنطق منافاة تامة
وأعتقد أن الأمثلة التالية تكفي لإظهار هذه الحقيقة بكل وضوح وجلاء:
١ - من المعلوم أن مفهوم (المضاف) مرتبط بمفهوم (المضاف إليه) ارتباطاً وثيقاً، لأن كل واحد منهما يكون ركناً أصلياً من ركني (الإضافة). فلا نستطيع أن نتصور أحدهما دون أن نفكر في الآخر؛ ولا يمكننا أن نعطي فكرة واضحة عن أحدهما دون أن نتطرق إلى الآخر.