للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- (وكيف حظيت بهذه المكانة في القلوب؟ وهل توصلت إليها عن طريق الخطابة؟)

فدهش في أول الأمر ثم التفت إلى ثلاثة من الشبان وقفوا بين يديه ينتظرون أوامره وسألهم:

(الخطابة؟ وهل أنا خطيب؟ وهل بذلت جهوداً خاصة لاكتساب قلوب الشباب؟)

فهز الثلاثة رؤوسهم ثم ضحكوا. . .

ومع ذلك فقد أكد لي كل من حدثته في دمشق أن خطبه قد ساهمت مع إخلاصه ورفعته إلى المكانة التي يحتلها. إنه يعرف كيف يستعمل لغة الجمهور الذي كثيراً ما دخل السرور إلى قلبه وضحك ملء شدقيه لتورية خبيثة أتى بها أو فكاهة تفوه بها، وعلى هذا فإن بعض الناس يميل إلى اعتبار فخري البارودي (أفكوهة قومية) لأنه في نظرهم غير جدي، مع أن هناك براهين عديدة على أن إخلاص الخطيب ومحبة الجمهور له لأبلغ أثراً من المواهب الأخرى التي لها صلة بالعقل والأخلاق

وسألته:

(وما هو في نظرك الواجب الأول للشباب السوري؟)

فأجاب:

(أن يحصلوا العلم الذي يجعلهم مساوين لشباب أي شعب أوربي. ومع ذلك فلا تكفي المعرفة والعلم وحدهما: يجب أن نربيهم تربية قومية وسياسية لا يحتاجها شباب بريطانيا وفرنسا وغيرهما من الدول التي لها كيان قومي وقد نالت استقلالها منذ أمد بعيد. أما نحن فإننا مازلنا نسعى إلى تحقيق استقلالنا القومي التام، ولهذا فإن فكرة القومية هي أسمى أهدافنا، فلا فائدة لنا من وجود الأطباء والمهندسين الأخصائيين إذا لم يكن الشعور الوطني قوياً عندهم

(إن مثل شبابنا الأعلى - وهو المثل الأعلى لكل السوريين - هو الوحدة العربية. وأول خطوة لتحقيقها الاتحاد مع لبنان، ثم مع باقي الأقطار العربية الواحدة بعد الأخرى. وستدخل مصر نفسها في هذه الوحدة آجلا أو عاجلا. قد نحتاج لتحقيق الوحدة إلى عشرين سنة أو خمسين ولكنها لا محالة واقعة في النهاية)

(يتبع)

<<  <  ج:
ص:  >  >>