أرَقْتُ دُموعي في ثراها فما ارتوَتْ ... وهل كان دمعي غير أطياف أنداء
شَوَتْنِي الخطوب السُّودُ شياًّ فلم تدع ... لمُعْتَسِفٍ حُلْماً إذا رام إِبكائي
أجِبني يا صَوْبَ الغوادي فإنني ... على علتي في الدهر أَسّاءُ أَدْوَاء
تحدَّرتَ مُختالاً فلم تُغن أُمةً ... تَشْهي لطول الجدب أو شال أنهاء
بكى حولك الماضون دهراً فهل رَأَوْا ... لدي موجك الصخّاب لحظة إِصغاء
تَشَكي العراقُ الَجْدْبَ وارتعتُ أبتغي ... نصيبي فلم أَظْفر لديكَ بإرواء
أَعِنْدَكَ يا صَوْبَ الغوادي تحيةٌ ... لناس عَلَى شَطَّيْكَ ذاوينَ أنضاءِ
تروحُ إِلى البحر الأَجاج سفاهَة ... عَلَى شوْق أَهل في العراقِ أَوِدَّاءِ
أبوك السحاب الَجْوْدُ يرتاحُ جُوُدهُ ... إلى كلَّ أَرْض في العراقيين مَيثْاَءِ
فعمَّنْ أخذت البخل يا جار فتيةٍ ... هم الجعفر المنساب في جوف بطحاء
شكا الزهرُ في شَطَّيْكَ فاخجل وَنجِّهِ ... مِنَ الظمأ الباغي وَمِنْ حيةّ الماءِ
جريتَ بلا وعيٍ إلى غير غاية ... مُحَجَّلة بين المصاير غراء
فدعني أُطل فيك الملام فلم أكن ... سوى شاعرٍ للحمد واللوم وشّاء
أأنت الذي يجفو الظَّماء لينْضَوِي ... إلى لَّجُةٍ في باحِة البحر هوجاء
أأنت الذي يسقي البحار وحولهُ ... أزاهير في سهل يفُديه مِظْماءِ
وقفنا على شطيك نشكو أُوامنا ... على نبرات الدف والعود والناء
فأين العطاء الْجَزلُ يَا فَيْضَ مُزْنةٍ ... مُحَمَّلةٍ بالخير والشر كَلْفَاء
عشقت شقائي فيك للحبِّ إنني ... أُحبُّ شقائي في رحاب أحبّائي
أبغدادُ هل تَدْرين أنيِّ مودِّعٌ ... وأن سَمُومَ البين تلفح أحشائي
وردتُك مُلتاعاً أصارع في الهوى ... دموع رفاقٍ وامقين أخلاّء
تَنَادَوْا إلى باب الحديد فودّعُوا ... بقايا فؤادٍ وافرِ العطف وضاء
وفيهم خَتُولٌ لو أراد لَرَدّني ... إلى روضة من يانع الأنس غناّء
تقدم يستهدي العناق فلم يجد ... سوى صخرة مكتومة السِّرِّ خرساء
وعاد يروض العَتْبُ أحلام قلبهِ ... على خُطة من شائك الهجر عوجاء
وردتك مطعوناً تثور جروحهُ ... فكان بنوك الأكرم ون أطبائي