للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في أثره وغناه. فالدكتاتورية إذن هي نكسة الداء الحيواني في الإنسان المهذب. تعود به إلى حمى الشهوة وكَلَب الوحشية فلا يفهم غير لغة السباع، ولا يخرج من النزاع إلا بالصراع.

فمن زعم أن السلم العالمي تحفظه عصبة الأمم أو تحالف الدول أو تقدم الحضارة، فقد أحسن الظن بالإنسان إلى حد الغفلة، وأساء الفهم للطبيعة إلى حد الجهالة. إنما يحفظ السلام السلاحُ الإيجابي وهو القوة. وهذا السلام لا يمكن أن يكون إلا نسبياً ووقتياً بالضرورة؛ فإن القوى إذا تكافأت تساقطت، وإذا تفاوتت كان هناك الآكل والمأكول والغانم والغارم. وهكذا قضى الله على الحياة أن تكون دُولة بين الفساد والكون: تبني جانباً بهدم جانب، وتوجد حياً من عدم حي، وترفع دولة على أنقاض دولة. ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض.

أحمد حسن الزيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>