وبما أن هناك (فعلاً) يتطلب فاعلاً، فإنهم يلتجئون إلى طرق التأويل الملتوية، فيقولون إن الفاعل لهذا الفعل ضمير مستتر، وأما الولد فما هو إلا مرجع هذا الضمير المستتر. وبتعبير آخر: يدعون إن الفاعل ليس (الولد) المذكور صراحة، وإنما هو ضمير مستتر يعود إلى الاسم المذكور. .
إنني أعتقد أن الإنسان لو قصد التعقيد والتشويش لغرض من الأغراض، لما استطاع أن يجد طريقة تصنيف وتفسير أكثر اعوجاجاً وأشد غرابة من تلك. . .
أفلم يحن بعد وقت الإقدام على التخلص من هذه المسالك الملتوية والرجوع إلى طرق المنطق والصواب؟
الخلاصة
إن الأمثلة الانتقادية التي استعرضتها في الأبحاث السالفة تبين بكل وضوح وجلاء أن (قواعد اللغة العربية) الرسمية مشوبة بنقائص كثيرة، من حيث الخطط المتبعة في التعريف والتصنيف والتبويب. . .
وأما الأسباب المولدة لهذه النقائص والشوائب، فتتلخص في تأثير نزعة أساسية، هي نزعة الاهتمام بالإعراب أكثر من الالتفات إلى المعنى، والاعتماد على العلامات المحسوسة أكثر من الاستناد إلى المعاني المفهومة.
هذه النزعة نشأت من الظروف الخاصة التي أحاطت بعلوم اللغة العربية في أدوار تكوينها الأولى، واستمرت بتأثير (روح المحافظة) التي سيطرت على أذهان علمائها في أدوارها الأخيرة. . وباعدت بين قواعد اللغة وأحكام العقل والمنطق من جهة، وبينها وبين أسس التربية والتعليم من جهة أخرى.
ولذلك يجب علينا في موقفنا هذا أن نخرج على هذه النزعة التقليدية، ونعيد النظر في جميع ما ألفناه من أساليب التعريف والتصنيف والتبويب في قواعد اللغة العربية، فنتأمل فيها بنظرة علمية جديدة، مراعين مقتضيات العقل والمنطق من جهة، ومطالب التربية والتعليم من جهة أخرى. . حتى نتخلص على هذا الوجه من أغلاط الاجتهاد والاستنباط التي وقع فيها اللغويون القدماء. . .